بمجموعة نيابية تفوق الحزب العمالي ولا تقل عددا من مجموعة ميلود الشعبي باسم البيئة والتنمية، يتقدمها التاجر البسيط عبد الواحد الشاط والمولدة سعيدة شاكر والمقاول الشاب حسن بوهريز، وبثاني فريق داخل مجلس المدينة وخمس نواب للعمدة ورئيسي مقاطعتين، وحضور قوي داخل مجالس المقاطعات وبلدية أصيلة والجماعات القروية بتراب الفحص أنجرة، يستطيع الأحرار الدخول في فترة نقاهة انتخابية من أجل النقد الذاتي وتحصين مكتسباتهم.. وبما أن هذا التقديم ما هو الا تحصيل الحاصل، فهناك حيثيات جد معقدة بني عليها هذا القرار الصعب. برز كأحد المرشحين القويين لدى التنظيم كل من عبد العزيز بن عزوز ويونس الشرقاوي، إلا أن ترشحهما كان يعاني من نواقص، أهمها عدم إجماع الهياكل على اسم واحد نظرا لتكافؤ الفرص بينهما. كما أن المرشحين معا لا يمتلكا بعض الأسلحة الفتاكة التي ستدخل بها الأحزاب المراهنة. وفي حالة تزكية أحد المرشحين ستكون حظوظ الأحرار في الحصول على مقعد غير مضمونة بسبب الانشقاقات، وسيكون المتضرر الأكبر هو التحالف الثلاثي، بحيث سيحرم الأحرار كلا من البام والاتحاد الدستوري من أصوات مشتركة، تقدر بالآلاف. وبقرار عدم الترشيح سيكون قد انقلب السحر على الساحر، لأن الحزب الذي تعود استعمال الآليات الضخمة في إبراز نفوذه يكون من الصعب عليه المرور من حزب الشخص إلى حزب الهياكل والمؤسسات المعتمدة على تقاسم السلط في سنة أو أربع سنوات. كما أن مكتسبات المرحلة بالنسبة لأنصار محمد بوهريز ليست بالهينة، لأن عمليات الهيكلة التي خضعت لها الاتحادية انطلاقا من فترة المنصوري جعلت الأعضاء في نشاط وتواصل مستمرين بعيدا عن اجتماعات الولائم، أبرزا من خلالهما مجموعة من أوجه المنافسة التي بدورها خلقت مفهوم " الغيرة على الحزب " والتصرف بما تمليه " المصلحة العليا " والحد من ظاهرة الترحال السياسي. كما ينتظر الأحرار فور الانتهاء من الحملة الانتخابية استكمال الجهازين المتبقيين وهما اتحادية الإقليم والمكتب الجهوي، للمرور من الشكلية إلى التعميق في الشؤون الموضوعية كتنزيل مضامين النظام الأساسي التي من شأنها – إلى جانب التموقع داخل المؤسسات المنتخبة – أن تساهم في خلق مزيد من الثقة مع المواطن. وبما أن الأحرار هو حزب الانتخابات شأنه شأن الأحزاب الكبرى التي تسعى وتعمل من أجل الحكم، فان هذه المحطة ستكون بمثابة "استراحة المحارب" من أجل التخفيف وتصدير الضغط النفسي إلى الأحزاب المراهنة، مع مشاركة مسؤولة تتجلى في فتح الطريق أمام أحزاب المعارضة وممارسة المعارضة في نفس الوقت أمام الأحزاب الحاكمة وهو ما يثبت وجود خطاب سياسي لدى الأحرار. ومرورا الى المشهد الوطني، لا يخفي جل مناضلي الحزب بالإقليم حنينهم الى مصطفى المنصوري الذي وكما يقال في الأوساط الشعبية "مات راجل" حيث ناضل حتى الدقيقة الأخيرة من أجل "سيادة القرارات الداخلية" أمام جهة خارجية تريد الحجر على التجمع، ربما لدوافع موضوعية كغياب الخطاب السياسي، لكن ومن جهة أخرى فغياب الخطاب السياسي "اليساري" لدى الأحرار لا يعني وجود خطاب سياسي "واقعي" وهو خطاب الخبز والمعيشة والأصالة الروحية والنظرة المتسامحة إلى عصرنة وتحديث هياكل الدولة، بعيدا عن الاغتناء من العمل السياسي. حزب يصادف ربيعه الربيع العربي، من واجبه كذلك التربص لكل الجبهات المفتوحة ضده من الداخل والخارج، ففي الجبهة الداخلية تعمل كتيبة من المتملقين لصقور الحزب الحاكم على إرسال مجموعة من الرسائل القصيرة عبر الSMS تفيد بوجود تهديدات تتربص كبار قادة الحزب بالإقليم بعد التصعيد الذي عرفه قرار منع شبيبة البيجيدي مؤخرا. للإشارة فان هذه الرسائل تم إيداعها لدى رئاسة الحزب وغالبا ما سوف يتم التحفظ عليها في خانة "أسرار الدولة". ورغم أن الأحرار ليس لديهم ما يخفونه عن صفقاتهم وأصل تجارتهم إلا أنهم مدركون مدى خطورة التصعيد والتهييج الذي ستقع فيه المدينة إذا ما توزعت المقاعد على الأحزاب الثلاثة، هذا في نفس الوقت الذي يرى فيه التيار المتشبع بإيديولوجية المنصوري أن شعبية البيجيدي اليوم - وكالبارحة - رهينة بالدرجة القصوى بمدى تحقيقيه لوعوده وقدرته على استكمال مشروع الإصلاح الذي أطلقه جلالة الملك.