تعتبر كوثر لبداوي، الأستاذة الباحثة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس، التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله، واحدة من الأكاديميات البارزات اللواتي كرسن جهودهن للنهوض بأوضاع النساء المغربيات في مختلف المجالات. وت ولي الأستاذة لبداوي، المزدادة بمدينة الدارالبيضاء والحاصلة على شهادة الدكتوراه بجامعة محمد الخامس بالرباط سنة 2019 بميزة مشرف جدا، عن أطروحة بعنوان "الاقتصاد التعاوني في المجتمع المغربي..دراسة سوسيو-أنثروبولوجية لتغير الروابط السوسيو-اقتصادية بجماعة أسرير- منطقة وادنون"، اهتماما كبيرا بقضايا تشغل بال النساء المغربيات، من ضمنها الاقتصاد الاجتماعي والتضامني والنوع الاجتماعي والأنشطة المدرة للدخل، والتربية. بهذا الخصوص، أوضحت الأستاذة لبداوي، التي ت درس منذ سنة 2019 بشعبة علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس – فاس، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، "أهتم بشكل أساسي بتيمة الاقتصاد الاجتماعي والتضامني من منظور سوسيو أنثروبولوجي، وكان الحقل الذي اشتغلت عليه هو منطقة كلميم وادنون جنوب المغرب، انصب اهتمامي من خلاله بقضايا النوع الاجتماعي والأنشطة المدرة للدخل التي انخرطت فيها النساء بشكل مكثف بعد انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية". وينصب اهتمام هذه الأكاديمية البارزة، التي شاركت في مجموعة من الندوات الوطنية والدولية، حول مجال يستهويها كثيرا هو "التربية" الذي اشتغلت عليه قرابة عشرين سنة وتسعى الآن جاهدة أن تضيف إليه من منظور علمي من خلال المقاربة السوسيولوجية. كما تنخرط هذه الباحثة السوسيولوجية اللامعة، الحاصلة على شهادة البكالوريا سنة 2002، وشهادة الإجازة في علم الاجتماع من جامعة القاضي عياش بمراكش سنة 2006، وشهادة الماستر بجامعة محمد الخامس بالرباط، في مجموعة من المشاريع الرائدة الرامية للنهوض بأوضاع النساء المغربيات، من بينها مشروع م مول من قبل المركز الوطني للبحث العلمي والتقني، ي عن ى بالنساء في أوضاع هشاشة، خاصة ما يطلق عليه "نساء ل م وقف أو العاملات في مجال الزراعة". ويسعى هذا المشروع الهام، الذي تشتغل عليه الباحثة لبداوي إلى جانب الأستاذة زهور البوزيدي، إلى الإحاطة بالأوضاع الهشة التي تعيشها هذه الفئة من النساء وتحديدا داخل المجال الحضري. فضلا عن ذلك، لدى الأستاذة لبداوي، التي تتلمذت على يد ثلة من الأساتذة الكبار من بينهم، على الخصوص، مختار الهراس وإدريس بنسعيد ورحمة بورقية، مشاريع مستقبلية لا تقل أهمية تتعلق بإنتاج مؤلف حول المقاربة السوسيولوجية للقطاع التعاوني بالمغرب، ومؤلف بيداغوجي حول المناهج الكيفية، إضافة إلى اشتغالها على مشروع يشتمل كتابة مجموعة من المقالات حول "تأثير الطقوس والمعتقدات في التعاونيات جنوب المغرب"، ومقال في طور النشر بعنوان "أوضاع النساء العاملات في مجال الفلاحة". وارتباطا بالأهمية التي أضحى يكتسيها علم الاجتماع والأدوار المتزايدة التي يضطلع بها، ترى الباحثة لبداوي أن المجتمع المغربي في حاجة إلى علم الاجتماع لكونه يوفر مقاربات لمختلف الظواهر التي يعرفها المجتمع، لاسيما من منظور اجتماعي وثقافي، حيث يتيح، إلى جانب مقاربات أخرى، فهم المحددات الاجتماعية والثقافية للظواهر، والميكانيزمات التي ت فرزها. ومن وجهة نظر الأستاذة لبداوي فإنه "كلما تحكمنا في العناصر المفسرة للظواهر كلما أمكننا توجيهها والقيام بالتصويبات والتصحيحات الضرورية وحل مجموعة من القضايا والإشكالات". ونوهت الباحثة الجامعية باتساع رقعة تدريس شعبة علم الاجتماع على المستوى الوطني، حيث أصبحت جل الجامعات المغربية تقريبا تتوفر على شعب لعلم الاجتماع تستقطب أعدادا متزايدة من الطالبات والطلبة، بالنظر إلى فرص الشغل الهامة التي يوفرها هذا المسار الدراسي. ولم يفت السيدة لبداوي الإشادة بالمكتسبات العديدة التي تحققت لفائدة النساء المغربيات سواء على المستوى الحقوقي أو التمكين الاقتصادي او التمكين السياسي وكذا الولوج لمنظومة التربية والتكوين، مبرزة في المقابل أنه " يتعين بذل المزيد من الجهود للتمكين اقتصاديا للنساء، لاسيما اللواتي يعشن هشاشة اقتصادية واجتماعية، والنهوض بأوضاعهن". وأكدت، أيضا، على "ضرورة إيلاء المزيد من الاهتمام لمدخل التربية والتنشئة الاجتماعية من خلال مختلف قنواته ومداخله، من أجل معالجة عدد من الاختلالات التي مازالت تعانيها فئة من النساء، لاسيما المرتبطة بالعمل أو السكن أو التمدرس". الأستاذة كوثر لبداوي هي إذن نموذج حي وساطع للأكاديمية المنافحة عن حقوق وقضايا النساء المغربيات في مختلف المحافل الوطنية والدولية، والباحثة التي أثرت بأبحاثها ومقالاتها ودراساتها الخزانة المغربية.