أنهت الحكومة الإسبانية وإقليم الأندلس (جنوب)، مواجهة طويلة بشأن حماية محمية طبيعية مصنفة ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو. ويضع الاتفاق الذي تم التوصل إليه في بداية هذا الأسبوع حدا لنزاع دام عامين حول تقنين ري الزراعات الواقعة في محمية دونيانا، المتأثرة بشدة بسبب ندرة المياه والمهددة بالتصحر. وبموجب هذا الاتفاق، الذي وقعته وزيرة الانتقال البيئي، تيريزا ريبيرا، ورئيس إقليم الأندلس، خوان مانويل مورينو، تخطط الحكومة لاستثمارات كبيرة، مقابل تخلي السلطات الإقليمية عن مشروع مثير للجدل لتنظيم الزراعة غير القانونية للفواكه الحمراء. وسيوفر الاتفاق، الذي يهدف إلى حماية حديقة دونيانا بشكل أفضل، دعما ماليا من أجل ممارسات مستدامة، من شأنها حماية التنوع البيولوجي للمحمية، المهددة منذ عقود بسبب الزراعة المكثفة، والاستغلال المفرط، وتجفيف المستنقعات، واستخدام الآبار غير القانونية واستمرار الاستغلال وتدفق السياح. ويطوي هذا الاتفاق صفحة الخلاف بين الحكومة المركزية وإقليم الأندلس بقيادة الحزب الشعبي (المعارض) الذي أعد مشروع قانون لتقنين ري أكثر من 800 هكتار في محمية دونيانا باستخدام المياه السطحية فقط، بغية مساعدة المزارعين المحليين على التخفيف من حدة الجفاف المستمر ومنحهم وسيلة قانونية للحصول على مياه إضافية لمحاصيلهم. ومنعت الحكومة المركزية هذا الإجراء لأسباب بيئية، معتبرة أن القانون "مضلل" لأنه يعد بجلب تدفقات مياه غير موجودة. وبموجب شروط هذه الاتفاقية، تخصص كل من الحكومة المركزية والحكومة الإقليمية 700 مليون يورو من الاستثمارات للبلديات الواقعة بالقرب من المنتزه، لدعم المزارعين وإعادة جزء من الأراضي المستخدمة للإنتاج الزراعي إلى طبيعتها. وأوضحت الوزيرة الاشتراكية للانتقال البيئي، في تصريح للصحافة، أن هذا الاتفاق سيوفر "أفقا من الفرص والعدالة الاجتماعية لجميع سكان دونيانا، كما يضع حدا "للضغوط البيئية" التي تثقل كاهل المحمية الطبيعية. بدوره، اعتبر رئيس إقليم الأندلس أن هذا الاتفاق "يوفق بين حماية دونيانا والتنمية الاقتصادية" للمنطقة، من خلال وضع حد ل "وضعية صعبة (…) كانت تهدد سبل عيش العديد من الأسر". وفي مقابل الاتفاقية، التي تنص بالتفصيل على مساعدات تصل إلى 100 ألف يورو للهكتار الواحد للمزارعين الذين يختارون التخلي عن الزراعة، تنازلت الحكومة الأندلسية بشكل نهائي عن مشروعها المثير للجدل لتنظيم الضيعات غير القانونية، والتي أطلقتها قبل عامين. ونص مشروع القانون هذا، الذي اعترضت عليه الجمعيات البيئية، وكذلك اليونسكو والحكومة المركزية، ودافع عنه الحزب الشعبي ومجموعة فوكس اليمينية المتطرفة، على تقنين 1500 هكتار من الزراعات الواقعة بالقرب من المحمية الطبيعية. وفي مواجهة عملية التصحر المكثفة، تعد محمية دونيانا، الواقعة في مقاطعة هويلفا (جنوب غرب)، موطنا لحوالي 4000 نوع من الحيوانات، بما في ذلك العديد من الطيور المهاجرة، على مساحة 100000 هكتار من البحيرات والمستنقعات. وتتفاقم هذه الظاهرة المرتبطة بالاحتباس الحراري، وفقا للعلماء، بسبب الاستغلال الزراعي المفرط، وخاصة بسبب الزراعة المكثفة للفواكه الحمراء.