طنجة – تنظم رئاسة النيابة العامة يومي 13 و14 يونيو الجاري بطنجة ندوة وطنية حول موضوع "الولوج للعدالة والمساعدة القانونية" في إطار تفعيل الحق في الولوج إلى العدالة وتكريس مبدأ القضاء في خدمة المواطن، وخاصة أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج. ويأتي تنظيم هذه الندوة بمدينة طنجة، التي تعتبر من أهم المنافذ الحدودية المغربية لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، بالموازاة مع الانطلاق الرسمي لعملية "مرحبا"، ما يستوجب إحاطة أفراد الجالية بعناية خاصة عبر تحسين ظروف استقبالهم والحرص على قضاء أغراضهم القانونية في ظروف تكفل لهم الكرامة والنجاعة. وتجسد هذه الندوة الوطنية، حول تكريس الحق في الولوج إلى العدالة وتحديث آلياته، استمرار العناية الموصولة التي توليها رئاسة النيابة العامة لتظلمات المغاربة المقيمين بالخارج وشكاياتهم، وذلك تنزيلا للتعليمات الملكية السامية، التي تؤكد على ضرورة إيلاء المواطن الاهتمام الكبير، والحرص على قضاء مصالحه بكل جدية ونزاهة. ويهدف اللقاء إلى تحسن جودة أداء النيابات العامة في مجال تدبير ومعالجة شكايات المغاربة المقيمين بالخارج عبر تحسيس مسؤولي وقضاة النيابة العامة بأهمية تدبير ومعالجة هذه الشكايات كمدخل رئيسي لخدمات العدالة، مع الاشتغال على آجال مدروسة وعملية لمختلف أصناف الشكايات. إعلان في كلمة بالمناسبة، أبرز الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، السيد الحسن الداكي، أن اختيار تاريخ ومكان تنظيم هذا اللقاء العلمي والتواصلي، إنما هو تعبير من رئاسة النيابة العامة على انخراطها في كل الجهود المبذولة من طرف جميع المؤسسات والمصالح العمومية المعنية لاستقبال أفراد الجالية المغربية في أحسن الظروف، واستعدادها لتقديم كل الخدمات التي تدخل ضمن اختصاصها، في ظروف تكفل لهم قضاء مصالحهم بالسرعة والفعالية اللازمتين. وتابع إنه تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، أولت رئاسة النيابة العامة، منذ شروعها في مزاولة اختصاصاتها الدستورية والقانونية سنة 2017، عناية خاصة لتعزيز حقوق المشتكين والتواصل معهم، وتحسين ظروف استقبالهم والحرص على قضاء أغراضهم القانونية في ظروف تكفل لهم الفعالية والنجاعة، مشيرا في هذا السياق إلى عدد من الدوريات والمناشير الصادرة حول تبسيط قواعد تقديم الشكايات، وفتح الباب أمام الشكايات الالكترونية، وتحسين استقبال المرتفقين، واحترام آجال دراسة الشكايات والمحاضر، والتواصل حول مآل الشكايات. في هذا السياق، ذكر المسؤول القضائي بأن رئاسة النيابة العامة عملت على إرساء آلية الشكاية الإلكترونية، لتسهيل ولوج المشتكين، بمن فيهم المغاربة المقيمين بالخارج، للعدالة الجنائية ولضمان السرعة والفعالية، موضحا أنه منذ بدء العمل بهذا الإجراء في فبراير 2020 استقبلت النيابات العامة ما يفوق 28 ألف شكاية إلكترونية، علما أنها قدمت خدمة كبيرة أثناء فترة الحجر الصحي. وأضاف السيد الداكي ان ورش تطوير الشكايات كمدخل للولوج الى العدالة لا يزال مستمرا الى الآن، حيث يتم الاشتغال على تطوير الربط المعلوماتي بين رئاسة النيابة العامة والنيابات العامة بمحاكم المملكة، في أفق إرساء نفس أسلوب التواصل مع باقي أجهزة إنفاذ القانون وإعداد دليل مرجعي حول المعايير الدولية والوطنية لتلقي ومعالجة وتدبير الشكايات، معتبرا أن تطوير أداء النيابات العامة في مجال تدبير ومعالجة الشكايات يعد من أولويات تنفيذ السياسة الجنائية ومدخلا رئيسيا لخدمات العدالة الجنائية. وقال السيد الداكي إن رئاسة النيابة العامة على وعي بضرورة إيلاء العناية الخاصة لتيسير ولوج أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وتتبع مآل شكاياتهم وقضاياهم نظرا لقصر مدة مقامهم بوطنهم الأم وبعدهم عنه، موضحا أنه من هذا المنطلق عملت على إيجاد آليات تساعد على التعجيل بالبت في هذه الشكايات والتظلمات، وتوفير إمكانية إيداعها وتتبعها عن بعد، فضلا عن إصدار دورية مشتركة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ووزارة العدل لإحداث لجان مركزية لاستقبال أفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج لمعالجة طلباتهم ودراسة شكاياتهم وتظلماتهم، وتوجيه تعليمات لإحداث خلايا جهوية بمحاكم الاستئناف وخلايا محلية على مستوى المحاكم الابتدائية لذات الغرض. من جانبه، أشار وزير العدل، السيد عبد اللطيف وهبي، إلى أنه تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية بخصوص الرفع من النجاعة القضائية، قامت الوزارة باتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات لبلوغ تحقيق الولوج الميسر للمتقاضين من خلال تحسين ظروف استقبال المواطنين بالمحاكم وتعميم المعلومة القانونية والقضائية، وتطوير نظام المساعدة القضائية، والمساعدة القانونية المجانية. وتابع الوزير، في كلمة تليت نيابة عنه، أن هذه الإجراءات تشمل أيضا تقوية القدرات التواصلية للمحاكم مع المواطنين، وعقلنة الخريطة القضائية للمملكة وملاءمتها مع التقسيم الإداري بإحداث عدد من المحاكم والمراكز القضائية الجديدة عبر مختلف جهات المملكة، وتأمين مجموعة من التطبيقات والخدمات الرقمية. وبعد أن ذكر بأن الخدمات الرقمية تعرف إقبالا كبيرا من لدن مغاربة العالم ، والتي بلغت 30 ألف مليون عملية بحث تتبع عبر الانترنت عن الملفات خلال سنة 2021، أشار السيد وهبي إلى مواصلة الجهود لتقريب خدماتها إلى مغاربة العالم، سواء عبر المنصات الرقمية المزمع إحداثها، أو من خلال تعزيز التعاون مع وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي ومغاربة العالم، لتعيين موظفين بسفارات وقنصليات المملكة بالخارج. وفي كلمة لممثل الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، اعتبر الأمين العام للمجلس مصطفى الابزار، أن للقضاء وظيفة دستورية أساسية تتجلى في حماية حقوق الأشخاص والجماعات وتوفير الأمن القضائي وتطبيق الفانون، وهي مهمة لا تتحقق أبدا إذا لم يتم تنظيم الولوج إليه بشكل سلس وضمان مساواة المواطنين أمام القانون، مبرزا أن المساواة في الولوج إلى العدالة المنصوص عليها دستوريا وفي المواثيق الدولية يتطلب ضمان حق التقاضي لكل شخص للدفاع عن مصالحه التي يحميها القانون. وأضاف أن موضوع الولوج إلى العدالة أصبح من بين أساسيات نجاعة النظام القضائي إذ أن فعالية كل النظام القضائي تستدعي بداية تيسير الولوج للتقاضي، باعتباره مرفقا من مرافق الدولة يقدم خدمات عمومية، معتبرا أنه لتيسير الولوج إلى العدل والرفع من الثقة في القضاء تم تحديث التشريعات وملاءمتها مع الالتزامات الدولية للمغرب. وتطرق إلى مهام المجلس في تنزيل الأوراش الإصلاحية الرامية إلى تسهيل الولوج إلى العدالة وفق مقاربة شمولية بتنسيق مع كل الشركاء في المنظومة القضائية، مبرزا في هذا السياق مضامين المخطط الاستراتيجي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بين سنتي 2021 – 2026 ، لاسيما تلك الرامية ضمن المحور الرابع، الى الولوج الميسر والسلس من طرف المواطنين للقضاء على اعتبار أنه مؤشر لقياس فعالية منظومة العدالة وفعاليتها. وستتطرق العروض في هذه الندوة إلى استراتيجية رئاسة النيابة العامة في مجال تدبير الشكايات، وولوج مغاربة العالم لمرفق العدالة والمعيقات القانونية والواقعية لهذا الولوج، ودور السلط الحكومية في تسيير الولوج إلى العدالة.