تخليدا للذكرى 30 لتأسيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، ينظم فرع طنجة مجموعة من الأنشطة الثقافية و زيارة مواقع تاريخية تستهدف إعادة قراءة تاريخ طنجة ، قديمها وحديثها، انطلاقا من فكرة " أن التاريخ المحفوظ هو بالنسبة لنا سبيل للإصلاح والإنجاز والتحرر واسترجاع الحقوق الاجتماعية والثقافية المهدورة".كما أن الأجوبة عن أسئلة الهوية الثقافية لا تأتي مما نعرفه ، بل مما نعانيه. ومن هذا المنطلق يصبح التاريخ مبدعا بذاته لأنه يحرر الزمان والمكان،وبالتالي فهوتغيير مستمر لامفر من أن نجدد قراءته على الدوام. وسنفتتح هذا الورش التاريخي الميداني بزيارة قلعة " لخضر غيلان " بطنجة الكائنة بمنطقة "ملابطا ". * لماذا إذن الخضر غيلان ؟ وما دوره في تاريخ طنجة ؟ منذ احتلال طنجة خلال 28 غشت 1475 م من قبل الاسبان كباقي الثغور المغربية ، التي بدأ استيلاءهم عليها منذ احتلالهم لسبتة سنة 1415 م ، إثر وفاة "سان سبستيان " في معركة وادي المخازن ،وضم البرتغال إلى التاج الإسباني ، وضعت كل من طنجة وسبتة وأصيلة والجديدة تحت السلطة الإسبانية من 1581 إلى 1643 . وبعد هذه السنة عادت طنجة إلى السلطة البرتغالية من جديد ومنذ ذلك الحين ، اصبحت هدفا للمقاومة الشعبية التي تزعمها المقاوم العياشي ، والتي كان من بين شهدائها علي غيلان أحمد غيلان. ليتولى بعد ذلك الخضر غيلان الكرفطي قيادة المقاومة في منطقة " الهبط " بعد وفاة العياشي . (وصف الخضر غيلان بكونه كان شجاعا ، ذا نظر حاد وقسوة في الطبع ، وشديد الكتمان لايكشف عن مواقفه) كما وصفته تقارير المسيحية، مما تسبب في إرباك خصومه ، وقد قاد الخضر المقاومة ، واستولى على مدينة القصر الكبير باعتبارها عاصمة الهبط ، مما مكنه من ضم كامل المنطقة ، ومن ثم قام بتطويق طنجة . لقد اكتسبت المقاومة المحلية حول طنجة منذ عصور بعيدة ، طابعا محدودا ، قبل أن تتحول بزعامة الخضر غيلان إلى حرب جماعية نظامية في إطار حركة المقاومة الشعبية بالهبط.في سنة 1656، اضطر الحاكم البرتغالي" فرناندو دي ميدشيس" إلى طلب عقد هدنة دامت سنة فقط ، كانت بالنسبة للخضر "استراحة مقاتل" لينظم بعد ذلك هجوما قويا طوق به المدينة ب25.000 من المقاتلين ، وقطع إمدادات الماء عن المدينة عن طريق القناة الرومانية المتصلة بواد اليهود، وقد حاولت النجدات البحرية من لشبونة إنقاذ الموقف ، إلا أنها سقطت في كمين نصبه لها رجال المقاومة البحرية التابعة للخضر غيلان ،والتي انطلقت من سواحل أصيلة ، فما كان من البرتغاليون سوى الانسحاب عن طنجة وتسليمها إلى "شارل الثاني " ملك انجلترا سنة 1662 م ، غير أن الخضر غيلان ورجاله، لم يمكنوه من الاستقرار بالمدينة، بسبب الهجمات المتكررة لرجال المقاومة ، والتي كبدت الإنجليز خسائر فادحة. فما كان لإنجلترا سوى أن تجنح إلى الهدنة مع الخضر غيلان والتي استغلتها لبناء تحصينات قوية حول مدينة طنجة ، وهي الموجودة حاليا بالقصبة ، وفي مقابل ذلك ،بنى الخضر غيلان قلعته الشهيرة وتحصيناته الضرورية بالمنطقة المعروفة اليوم بملاباطا، وفي سنة 1664 انصرف الخضر غيلان الى تحرير العرائش من الاحتلال الاسباني ليعاود الهجوم على طنجة غير أن الزحف الدلائي والزحف العلوي نحو الشمال واحتدام العداء الاسباني والانجليزي والبرتغالي لحركة الخضر غيلان عجل اغتياله سنة 1684 .ليتمكن بعده المولى اسماعيل من طرد الانجليز من طنجة بقيادة علي بن عبد الله الريفي ومند دلك الحين وقلعة الخضر غيلان رمز للمقاومة المغربية الباسلة . قلعة الخضر غيلان بمالاباطا بطنجة يتم الاعتداء على أطلالها اليوم من قبل مؤسسة الأعمال الاجتماعية لبنك المغرب ، حيث حفر مسبح اصطيافي استجمامي على أنقاض هذه الأطلال العريقة على بعد سنتمترات من الصور التاريخي، والذي تم ضم جزء منه إلى الإقامة الاصطيافية التابعة لهذه المؤسسة. وهو اعتداء سافر على الحقوق التاريخية والثقافية لساكنة طنجة ومنطقة الهبط وعلى التاريخ المغربي عموما .