إعلان التنظيم المعروف باسم ''داعش'' عن خلافة إسلامية و تنصيب شخص أطلقوا عليه اسم خليفة المسلمين مع مطالبة المسلمين في العالم بمبايعته أثار ردود فعل رافضة من مجموع ألوان الطيف الفكري و السياسي في العالم. فما هي المعاني الجوهرية للخلافة الإسلامية ؟ الخلافة الإسلامية ليست شعار حماس إن الخلافة الإسلامية ليست شعار حماس، و إنما هي وعد الله و رسوله، هي هيكل له روح و له معنى و له جسد. الخلافة الإسلامية الأمة فيها أصل و الحكم و الملك حارسها و خادمها و راعيها، و بهذا المعنى فالخلافة الإسلامية تدور في منحى واحد، و ركيزة أساسية و قاعدة أصيلة تسمى: الرحمة بين العباد. و هي بالتالي، تنظيم له ''رسالة'' عظمى، لا تشكيل دولة، و لا تشكيل طائفة، مادة، جامدة، لا روح فيها و لا معنى. رسالتها الأساسية الايخاء و الوحدة و نبذ العصبيات المفرقة. الخلافة الإسلامية تاج الرحمة بين العباد قال تعالى ''...و ما أرسلناك إلا رحمة للعالميين '' ... '' ..و لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك...'' في المعنى الحقيقي للخلافة تحتل الرحمة بين العباد الصدارة. فتصطف السياسة و الثقافة و التنظيم و كل صغيرة و كبيرة في كل مجالات الحياة، في أماكنها تتأمر كلها بأمر الرحمة. و هكذا لا تناقض بين الإيمان و الشرع. بل يكون الشرع إطارا عاما يصون الإيمان و يعضه و يسعى هو الآخر لنشر الرحمة بين الناس. الخلافة الإسلامية مبنية على أساس الرابطة الأخوية الإيمانية، التي هي الأساس المتين و الجسم الممتلئ و الخير الواسع طولا و عرضا و عمقا. في الخلافة الإسلامية، تكون الرحمة بين الأفراد هي السمة الطاغية، حيث تمتد امتدادا من الأقرب فالأقرب، حتى تغطي كل الروابط البشرية، و تمتصها إليها و تستخدمها لتنقدها من الظلم و الجور و من العصبيات الجماعية و الأنانية الفردية و تدخلها في دائرة '' الأخوة الإسلامية ''. الخلافة الإسلامية وعاؤها وحدة الأمة و هكذا فان الخلافة المنشودة لن تكون ثمرة عنف و قتل و تدبيج، بل هي تعبير عن وحدة الإيمان المبني على اليقين، بان هناك غاية تتجاوز المصالح الفردية الجماعية مهما كانت واسعة. وحدة الأمة، المبنية على الرحمة، هي وعاء بشري جماعي، القلوب فيها جمعتها عقيدة، و ربطها إيمان، و ضمها بناء، هيكل صرح: التنظيم. تربية مصدرها رحمة الله، يخص بها المومنين و المومنات حول كتابه جامعتهم الولاية و المحبة. إن تدبير شؤون الدولة خارج نطاق الرحمة و الأخوة قطع لوحدة المجتمع. و غياب '' الوحدة '' – كما هو حاصل في داعش– تقتضي مواجهات و صراعات عنيفة دموية بين الأفراد و الجماعات. و غياب الوحدة الرحمة و الوحدة الأخوية الإيمانية، تجعل الأفراد كجزيئات ذرية، تحكمهم المنافسة، و تلفهم كتل صماء لا روح فيها. الخلافة الإسلامية: تحرر اقتصادي و سياسي و عسكري قيام الخلافة الإسلامية يعني خرق لعبة الاستعمار الجديد، و تحرير الشعوب من العبودية الاقتصادية و التبعية المذهبية، بدءا باستصلاح الأرض و عمارتها، بدءا بتوفير الغذاء و انتهاء بتطوير الأسلحة. فالخلافة ليست بناء سياسي على سطح واقع سياسي و اقتصادي و اجتماعي و عملي و إداري و تنظيمي هزيل و عبثي. الانتقال إلى الخلافة إنما محكه العدل في القسمة. محكه إنصاف المستضعفين. محكه جمع المال العام بحق وصرفه بحق. وأين هذا من الفساد العام للمستطيلين المستكبرين في الخلافة المزعومة '' داعش'' الذين يتلقون أموالا طائلة لقتل الناس. أين هذا من أموال المسلمين التي يبذرها الجبابرة تبذيرا فظيعا يتعذب به ضمير كل حر، و يندى له جبين المروءة ؟؟؟ مبايعة البغدادي؟؟؟؟ أي مبايعة يتكلم عنها هذا الرجل ؟؟؟ أتنعقد المبايعة بالظلم و الإرهاب ؟؟؟ أين هو البغدادي من خليفة المسلمين ''عمر'' الذي كان إذا سلك فجا سلك الشيطان فجا آخر... أين هو البغدادي صاحب الساعة الرفيعة ROLEX من عمر الذي كان يضرب الأرض و يقول لها أثبتي فإنما عليك عمر... رحم الله عمر. أيبايع المسلمين من يفرض العبث و التيه بالسيف ؟؟؟ أيبايع المسلمين من يدور حوله هوى المتسلطين و نظام استكبارهم. إنما المبايعة و الطاعة في الإسلام تنعقد بالرضى و التشاور و العدل. مبايعة يعتمد نفوذها على ذمم صادقة عاهدت الله على الوفاء لمن وفي لله. و أخيرا، فإن تحقيق هذه المعاني الجوهرية، لن بتحقق بما تفعله '' داعش ''، و لا سبيل إليه إن لم تتماثل وساءل التربية و أهداف التربية. و الانتقال إلى الخلافة لن يتأتى إلا إن غير المسلمون ما بأنفسهم، و أمسكوا أمورهم بأيديهم، و شاوروا الحكام ليحملوهم على الجادة. و أسوأ تشويه هو ربط هذا المفهوم بتنظيم متطرف، التصقت صورته بالتشدد و التزمت و سطحية التعاطي مع قضايا الدين و السياسة.