على مدى ثلاثة ايام يعكف ثلة من الخبراء والمختصصين من 38 دولة من مختلف قارات العالم الخمس، على مناقشة مواضيع متعلقة بالتراث والتنمية المستدامة وبحث سبل نهج سياسات عمومية لتحقيق رهان هذا الجانب، وذلك في إطار فعاليات المنتدى الدولي الثالث للمدن العتيقة، التي انطلقت مساء يوم الخميس بطنجة. ويهدف هذا الملتقى الذي ينظم بدعم من ولاية جهة طنجةتطوان والمديرية العامة للجماعات المحلية ووزارة الثقافة ووكالة تنمية اقاليم الشمال، وشركاء آخرين وطنيين ودوليين، إلى مواصلة تطوير وتنويع التعاون بين الشركاء، وفتح آفاق جديدة أمام تجارب مرموقة في مجالات التراث والتنمية المستدامة. وقال رئيس الشبكة المتوسطية للمدن العتيقة محمد السفياني، خلال الجلسة الافتتاحية لهذا المنتدى، ، إن هذه الفعالية تهدف إلى إبراز مؤهلات المغرب التراثية والمجهودات المبذولة لتثمين هذا الإرث الحضاري الذي يعد إحدى ركائز التنمية في أبعادها الإنسانية والاقتصادية. وأضاف أن تنظيم هذا المنتدى يروم أيضا فتح آفاق ومساحات جديدة أمام تجارب أخرى متميزة لمؤسسات وطنية ودولية مرموقة في مجالات التراث والتنمية المستدامة، لتعميق النقاش العلمي حول السياسات المختلفة المرتبطة بالقضايا التراثية والتنموية، مبرزا أن المنتدى يشكل كذلك فرصة لنقل التجربة المغربية إلى دول أخرى خاصة على المستوى الإفريقي، التي تحمل نفس طموحات المغرب لتثمين تراثه ودعم انخراطه في محيطه الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. من جهته، قال رئيس الجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات وعمدة طنجة، فؤاد العماري، إن اختيار مدينة طنجة لاحتضان هذا المنتدى الكبير يأتي اعتبارا كون المنطقة تعد حاليا نموذجا وطنيا رائدا في مجال التنمية، ولكونها شكلت عبر العصور ملتقى للحضارات ومرجعا حيا في تلاقحها ورمزا من رموز المغرب المنفتح والمتشبث بالقيم الإنسانية المثلى. وأضاف أن هذا المنتدى يعد فضاء للحوار العلمي الهادف سيمكن من جهة من نقل الخبرات المغربية في مجال التنظيم المجالي وربط التنمية بمحيطها الثقافي والعمراني إلى دول أخرى، وفي نفس الآن الاستفادة من تجارب الدول الأخرى العريقة في مجال حماية التراث لإغناء المقاربات الوطنية لتثمين الموروث الحضاري. من جانبه، اعتبر الوزير المنتدب في الداخلية، الشرقي الضريس، أن هذا اللقاء يعد محطة جديدة لتعميق النقاش والتشاور وتبادل الأفكار حول التجارب الناجحة في مجال التنمية المستدامة للمدن العتيقة، كما أنه يشكل فرصة سانحة لتقوية التعاون والشراكة في المجالات المرتبطة بإشكاليات المدن العتيقة. وأبرز الضريس، بالمناسبة، العناية الخاصة التي يوليها الملك محمد السادس للمدن العتيقة، من خلال تأكيد جلالته على ضرورة المحافظة على التراث المعماري الأصيل، باعتباره جزء مندمجا من الهوية المغربية، سواء في بعده الوطني أو في خصوصياته الجهوية، مشيرا إلى أنه، وتنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، حظي موضوع المدن العتيقة باهتمام متزايد من قبل الدولة والجماعات الترابية والمجتمع المدني وعموم المواطنين، وذلك من أجل الحفاظ على الخصوصيات الثقافية والحضارية لهذا التراث العمراني الفريد، ووضع الآليات الكفيلة للتصدي لمختلف مظاهر الهشاشة التي تتهدده، وتصحيح الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية والبيئية التي تعيق تطوره. وتم خلال الجلسة الافتتاحية التي حضرها، على الخصوص، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية السيد الشرقي الضريس، ووالي جهة طنجةتطوان السيد محمد اليعقوبي، إضافة إلى ممثلي 38 دولة من مختلف القارات ومنظمات دولية وإقليمية ووطنية وخبراء وباحثين، توقيع اتفاقيات بين الشبكة المتوسطية للمدن العتيقة، ومدينة تومبوكتو المالية، والمركز الدولي للمحافظة على التراث، والمؤسسة الدولية للمدن المستدامة، من أجل تبادل الخبرات وتعزيز التعاون البيني ودعم المخططات المحلية لتثمين وصيانة الإرث الحضاري وتأهيل المدن العتيقة. ويشمل برنامج المنتدى الدولي للمدن العتيقة في دورته الثالثة، التي ستستمر إلى غاية يوم السبت القادم، عقد جلستين عامتين، تهم الأولى موضوع "التراث والتنمية المستدامة"، وسيتخللها تنظيم أربع ورشات تتعلق ب"السياسات العمومية لإنعاش التراث كمحرك للتنمية المستدامة" و"آليات التعاون والشراكة والتضامن لحماية التراث" و"خدمات وتنمية المدن المتوسطية .. المدن التراثية للقرن الواحد والعشرين"، ثم ورشة "أي مستقبل للتراث بالمناطق في وضعية أزمة ؟"، فيما ستناقش الجلسة الثانية موضوع "التنمية المستدامة في إفريقيا". كما يشمل برنامج المنتدى، الذي سبق وأن احتضنت دورتيه السابقتين كل من شفشاونوتطوان، على حفلات تكريم لعدد من الشخصيات الوطنية والدولية، وتنظيم زيارات ميدانية للمشاركين في المنتدى لمدن عتيقة ومواقع أثرية بجهة طنجةتطوان.