إعلامي جريء استطاع أن يصل إلى قلوب المستمعين من طنجة ليمخر بصوته الشجي عباب أمواج المتوسط وصولا للقاهرة وإلى عواصم دول أخرى، محايد في طرحه إلى أبعد الحدود، كما في نقاشاته وطريقة تقديمه للأخبار. منذ أن كان طفلا يافعا، حتى لمع نجمه ليفوز بأكبر نسبة من الاستماع, أحلامه لا تزال كبيرة إلى اليوم ليرتقي بأخباره التي تصل إلى المستمعين بنكهة أحبها الصغير والكبير، ومنهم من يجد نفسه وكأنه يرى ويسمع ويشاهد في آن واحد, الإعلامي الكبير والإذاعي عبد الصادق بنعيسى وعن عمر فاق الأربعين سنة تقريبا، يواصل المشوار، أحبه ميكروفون ميدي- أن وعشقته العديد من الآذان، في كل إطلالة نهارية يبدأ المتلقي في التفكير عمن يكون هذا "الشاب"؟؟. المكان : سيارة أجرة صغيرة. الزمان: كان منتصف النهار. الحكاية: يرويها شاهد عيان،بداية الأخبار بإذاعة البحر الابيض المتوسط الدولية "ميدي أن"، وما إن اطل بنعيسى بصوته - يقول- حتى سمعت نساءا يهمسن داخل السيارة، كم هو جميل صوت هذا "الشاب"....ابتسمت وقلت إن عبد الصادق بنعيسى الإعلامي الذي اعرفه فعلا "شاب" وياله من "شاب"... في صبيحة يوم من أيام سنوات الثمانينات غادر بنعيسى بيته إلى كواليس إذاعة ميدي أن طنجة التي كانت ولا تزال وستبقى مدرسة الإذاعات بالعالم العربي، ظهور الإذاعي الودود بنعيسى وهو يطوف بالميكروفون ليطرب بصوته ساحة الأخبار كان حدثًا كبيرًا استقبله الناس بالاهتمام الشديد، حيث كانت الحياة بسيطة والصحف نادرة لا يقرأها سوى النخبة من مثقفي المتعلمين فجاء هذا الوافد الجديد بمثابة هدية تحلق ولا يزال حولها هؤلاء البسطاء، ورغم قلة عدد أجهزة المذياع التي كانت كبيرة الحجم لا يملكها إلا سراة القوم يزينون بها مجالسهم، فقد كانت هذه المجالس تعمر بالراغبين في الاستماع إلى صوت بنعيسى عبد الصادق ولما يبثه هذا الصندوق الخشبي أيا كان نوع المادة التي يبثها، ورغم أن الإنصات كان مرهقًا نظرًا لضعف البث والكفاءة المحدودة للأجهزة، إلا أنهم كانوا يصغون السمع لكل ما يقال من بداية الإرسال إلى آخره في انتظار إطلالة مقدم الأخبار الذي لم يكن سوى بنعيسى، فقد كان أنيسهم الذي ليس له منافس، والذي حل محل حكواتي مذيعي العالم كله الذي ملوا أساطيرهم، فالتف الكل في القرية والمدينة حول الراديو الذي يخطب فيه بنعيسى ود العالم حتى أنهم كثيرا ما كانوا يصفقون للمذيع. حقا ينتابك شعور فياض وأنت تواصل الاستماع إلى صوت شجي خرج من اوثار حلقوم ينطق بالأحرف والكلمات التي تشنف آذان المستمع من طنجة إلى طرابلس والى كل مكان،عبد الصادق بنعيسى الإنسان الذي دخل إلى إذاعة البحر الأبيض المتوسط ميدي أن شابا ولا يزال إلى اليوم ، يقود مشوار التعليق وتقديم الأخبار، ويحرص بتفان وإخلاص على مخارج الحروف وكأنه حمل وصية أشهر برنامج إذاعي وطني "كيف نقرأ القران"، وها هي اليوم يزف للغة العربية حقها الذي تطيقه وتريده لنفسها إلى الأبد.ضل بنعيسى الإنسان، يتطلع إلى أن تكون طريقة تقديم الأخبار بجميع الإذاعات العمومية والخاصة بتلك التي يواصل تقديمها بها، صوت إذاعي قوي استهوى الأسماع لعقود،وأصر على البقاء في ميدي1 بالرغم من انه تناهت إلى مسامعه العديد من العروض الكبيرة، ظل أكثر من25 سنة في العمل، كانت شرفا للمغاربة وللعرب إلى اليوم، ويكفيه فخرا أن المستمع يعشقه أكثر من عشقه لميكروفون إذاعة البحر الأبيض المتوسط ،خاض تجربة التعليق على عدد لا يستهان به من الأفلام الوثائقية ،خاصة بقناة ميدي أن سات سابقا. لقد تجاوزت إذاعة "ميدي 1"، عقدها الثلاثين برغبة كبيرة في مواصلة المشوار بصوت واحد .. ولغتان، يرى من خلالها عبد الصادق بني عيسى أن احترام "الحياد وذكاء المستمعين" جعل المحطة تربح رهان التواجد، وتحظى بالقبول لدى مختلف مكونات منطقة المغرب الكبير فاسألوا عبد الصادق بنعيسى عن مكامن النجاح: اسألوه اليوم ما السر في عشقه المجنون للعمل في الصباح الباكر؟ اسألوه اليوم كيف استطاع الحفاظ على ترنيمة صوته العذب في الإلقاء؟ اسألوه اليوم كيف جعل إذاعة "ميدي 1" الصوت المغاربي الذي يتجه بثبات نحو المستقبل؟ اسألوه عن الصرامة في المواعيد الإخبارية بالمحطة التي يقف المستمع عاجزا عن فهم ما يجري في كواليسها الجميلة؟ تحية وألف سلام إليك أيها الأستاذ الفاضل، تحية إليك باسم كل المستمعين الذين انتظروك يوما، وسيواصلون انتظار إطلالتك الرنانة مع بداية كل موعد إخباري،فلا تنسى أخبار منتصف النهار...