يجب أن أعترف منذ البداية أنني، أجد نفسي محرجا جدا، و أنا أتخذ قرار مغادرة سفينة هيأة سياسية كنت دوما و سأظل أفتخر بالانتماء إليها. هيأة سياسية قوية بمواقفها ومبادئها، قوية برجالاتها و نسائها، رغم أنني لم أكن دوما متفقا مع بعض توجهاتها السياسية. أعترف أيضا أن انتمائي، كان انتماء عاطفيا، و لم يكن أيديولوجيا مائة في المائة، كنت في الحقيقة، معجبا بتجارب سياسية و مواقف رجولية لأشخاص، بل كنت معجبا بشخص قل نظيره في المشهد السياسي المغربي. عندما انتميت ل" منظمة العمل الديمقراطي الشعبي"، في نهاية تسعينيات القرن الماضي (بواسطة الصديق و الزميل و الرفيق محمد العوني)، كان المقاوم ، المناضل والمجاهد الكبير محمد بن سعيد آيت إيدر، أطال الله عمره، أمينا عاما لهذا الإطار السياسي الذي انبثق من انتفاضة 23 مارس 1965، التي ذكرت الفاسدين بفسادهم و المستبدين باستبدادهم. في هذه الفترة الزمنية، أي زمن المنظمة، كنت نشيطا نسبيا سياسيا، لكن بعد الاندماجات السياسية، و تغيرت الأسماء و الأشخاص، اختلطت علي الأمور، فقل حضوري و ضعفت مشاركاتي و كثرت غياباتي، و تضاءل انتمائي العاطفي الذي كان قويا في البداية، رغم أنني شاركت في مؤتمر أو مؤتمرين، كما ساهمت في الانتخابات الجماعية سنة 2009، في اللائحة التي كان يقودها الصديق و الرفيق و المحامي محمد أقديم في دائرة حسان المحيط بالعاصمة الرباط. لن أزعجكم ببعض التفاصيل التي قد تكون مملة، عن شخصي المتواضع جدا، أو عن هذه الهيأة السياسية المتواضعة في عددها و الكبيرة في مواقفها و جرأتها، و التي كنت دوما أشبهها باليسار الموحد بالمملكة الإسبانية، المعروف بمحدودية جماهيريته، القوي بمواقفه وشجاعته الداعمة لطموحات الجماهير الشعبية. رغم كل هذا و ذاك، أعترف أن انتمائي و إن كان في الأصل عاطفيا، فقد كنت أحمل بعض بطاقات العضوية و كنت أساهم كلما سمحت ظروفي المادية بذلك في تغطية مصاريف كراء مقرات الفرع الذي كنت أنتمي إليه، لكن في ذات الوقت كانت علاقاتي بباقي الرفاق جد محدودة، بما فيه محيطي الضيق بعاصمة المملكة. كما أشعر أن باقي الرفاق بمختلف جهات البلد لا يعرفون عن شخصي المتواضع أي شيء، يسبب غياباتي المتكررة عن بعض اللقاءات، عن جل اللقاءات التي نظمت جهويا أو وطنيا. اليوم 5 سبتمبر 2013، قررت أن يكون هذا الغياب رسميا و مبررا. رسميا بأن أبعث لكل الرفاق في الاشتراكي الموحد، و خاصة إلى الفرع الذي أنتمي إليه جغرافيا بجهة حسان الرباط، باستقالتي مكتوبة و ممضاة. و ثانيا لأنني أرغب في أن أدخل تجربة سياسية أخرى، قد تكون قريبة نسبيا أو بعيدة كل البعد عن تجربتي السياسية التي أسميها من الآن فصاعدا بالتجربة السابقة. قبل أن أختم هذه الاستقالة، لابد أن يعلم الرفاق، أنني لست من الداعين إلى ملكية برلمانية الآن، لأن " الآن " يخيفني، لأن أحزابنا، كل أحزابنا، و لا أستثني أحدا، غير مؤهلة سياسيا على الأقل، لقيادة البلاد و العباد، كما أنني أتحفظ جدا على تكوين جبهة يسارية ضد الإسلاميين أو غير الإسلاميين، إذ لا يحق لأية هيأة سياسية، خاصة إذا كانت ديمقراطية و تقدمية، أن تكون لها ميولات إقصائية.