لم يتوقف هاتفي النقال طوال يوم الجمعة الماضي كباقي هواتف عباد الله عن الرن، مشعرا إياي بوصول رسائل قصيرة، اختلفت عباراتها حسب اختلاف أصحابها وجنسهم ومستواهم الثقافي، "سنة سعيدة"، "هبي نيو يير"، "بون أني"، "عام سعيد وعمر مديد" ... ميساجات تفنن مُرْسِلوها في تنسيقها وانتقائها، وكلها تصب في معنى واحد، التهنئة والتبريك بحلول السنة الميلادية الجديدة. إلا رسالة واحدة تلقيتها من شخص يعلم جيدا أنني لا أحب تبادل التهاني بهذه المناسبة. كما يعرف أنني في ليلة رأس السنة أتحصر كثيرا على ثلاثمائة وخمسة وستون يوما مرت من عمري، وأصبحت من الذكريات كباقي السنون التي سبقتها، وغيرها مما سيأتي في قادم الأيام، إن كان في عمري بقية. تقولة الرسالة المذكورة: "عوضك الله خيرا عن سنة 2010 وحقق مبتغاك في 2011 " وهي الرسالة الوحيدة التي اضطرتني على اعتماد رد مختصر "آمين". وفعلا أتمنى صادقا من الله أن يعوضنا عن سنة 2010 بخير منها. فقد طويت صفحاتها بِحَرِّها وقَرِّها ،خيرها وشرها، وأصبحت من الماضي الذي ربما لن نجد في سجلاته يوما عملا نفتخر بإنجازه خلالها. مرت 2010 بعدما استقبلناها بالمتمنيات كما نفعل الآن مع لاحقتها. استقبلناها وكلنا أمل في أن يتحقق لبلدنا، لجهتنا، ولمدينتنا كل ما يتطلع إليه المواطن البسيط من أحلام بسيطة (على قد حالو) فهو دائما يقول" الله يدخلها علينا بالصحة و الهناء" هذه الصحة التي لن تتوفر أبدا في مدينة لا يزال مستشفاها محمد الخامس على حاله مرقدا للأموات الأحياء. لن تتوفر في مدينة تعبرها المياه العادمة من شرقها وغربها وجنوبها في اتجاه بحرها المتوسط وسط الشوارع والأزقة، وأمام المباني الإدارية. لن تتوفر في مدينة تحتضن في قلبلها مزبلة تستقبل أطنانا من النفايات والسموم كل يوم ،فتحولها النيران إلى دخان تحمله الرياح إلى أنوف خلق الله. لن تتوفر في مدينة تعيش العديد من أحيائها على الهامش، حيث الفقر والبؤس وانعدام وسائل العيش الكريم، و حيث التشرد والإدمان على المخدرات يزداد يوما بعد الآخر... أما الهناء، فبقدر بساطة الكلمة، بقدر ما يصعب منالها. إلا أن هناء المواطن البسيط يتحقق فقط بضمان قوت يوم أولاده، والاطمئنان على أمنهم وسلامتهم وحمايتهم من حافلات نقل العمال وسرعتها الجنونية وإيجاد مقعد لهم داخل فصول الدراسة. انتهت سنة 2010 وتبخرت معها كل آمالنا في أن تصبح طنجة لؤلؤة الشمال كما وعدنا العمدة السابق، الذي حسبناه بالفعل بحارا، قادرا على قيادة سفينته والوصول بركابها إلى شاطئ النجاة. إلا أنه كان أول من قفز إلى قارب النجاة، بعدما استعصت عليه مواجهة أمواج المعارضة. وها نحن اليوم نستقبل سنة جديدة بعمدة جديد، و مكتب جماعي جديد ،ولازالت أحلامنا تراوح مكانها. نحلم بمراحيض عمومية تكفينا التبول على الأشجار والحيطان، نحلم بشاطئ نظيف وحدائق للأطفال، نحلم بمسابح وقاعات رياضية لأجيال المستقبل، نحلم بطرق وأزقة بلا حفر ولا أوحال، نحلم بفاتورات الماء والكهرباء في المتناول، ونحلم بسوق الجملة لا يبيع فقط البصل!! و نحلم بعمدة يعاهد و يفعل... نحلم بأغلبية تُدَبِّر ولا تُزَمِّر،و بمعارضة تناقش و لا تناوش.و قبل كل هذا وذاك ،نحلم بمواطن غيور،قادر على التغيير،و نحن نركب قطار 2011 و الذي سيحملنا إلى محطة 2012، فليستعد لحمل القلم بين أنامله ويغير بيده لا بقلبه، لأننا في حاجة إلى قوة إيمانه لا أضعفه. ولتكن هذه رسالتي إلى من يدعون اهتمامهم بشأني، و شأن العديد من أمثالي من المواطنين البسطاء، الحالمين بالصحة و الهناء، وعوضنا الله خيرا عن سنوات مضت.