أمام المحطة الطرقية بطنجة، تقف فتاة تضم حقيبتها اليدوية إلى صدرها وتضع حقيبة سفرها على الأرض، وهي تلتفت يمينا ويسارا. يقترب منها شاب تبدو عليه علامات مدمني المخدرات، ويقول لها "شي طاكسي أختي.. " ، يشير بأصبعه نحو سيارة أجرة مستطردا "زيد تفضلي"، تهم بحمل حقيبة السفر لكنه يسبقها إلى ذلك ويحمل الحقيبة نحو سيارة الأجرة، تركب الفتاة بعد أن تناول الشاب قطعتين نقديتين، ثم ينصرف هذا الأخير شاكرا الفتاة على جميلها. مشهد يتكرر عشرات المرات سواء أمام المحطة الطرقية ومحطة القطار طنجةالمدينة، وكذلك في بعض مناطق المدينة القديمة.. إنها صيغة جديدة لمهنة "الكورطية" التي يلجأ إليها الكثيرون سعيا وراء كسب دراهم معدودة. مدمنو المخدرات أو "الجناكا" كما يسمونهم هنا في طنجة، هم عادة من يمارسون هذه المهنة بغاية تحصيل مصاريف حاجتهم اليومية إلى جرعات المخدرات، يقفون يوميا مترصدين أشخاصا يطلبون سيارات أجرة تقلهم إلى وجهاتهم، حيث يتولون مهمة توقيف "الطاكسي" لفائدة طالبه مع القيام بحمل الحقائب نحو السيارة، مقابل "اللي عطا الله" من درهم أو درهمين يجود بها "المستفيد" من هذه الخدمة. المواطنون يرون في هذا النوع من التكسب، طريقة من طرق التسول التي التي يبتكرها "الجناكا" من أجل تلبية حاجيات "البلية"، وهو ما يتسبب في إزعاج زبائن سيارات الأجرة، "هؤلاء يكلفون أنفسهم مهمة لم يطلبها أحد منهم"، تقول سيدة بعد صعودها على متن سيارة أجرة توقفت أمامها قرب المحطة الطرقية بناء على إشارة منها للسائق، لكنها وجدت شخصا يسارع إلى حمل حقيبتها للسيارة دون أن تطلب هي منه ذلك، حسب ما تحكيه للسائق، "تايديرو الزز الله يستر"، تضيف السيدة بنبرة متذمرة. حالة الاستياء جراء انتشار هذه الظاهرة، لا تنتهي عند زبائن سيارات الأجرة، بل إن سائقي هذه الأخيرة بدورهم يعبرون عن معاناتهم بسبب "الكورطية" الجدد، حيث كثيرا ما تنشب خلافات بين شخصين أو أكثر حول أحقية "زبونه" في الركوب، وهو ما يتسبب في إحراج كبير، حسب ما يحكي أحد سائقي سيارات الأجرة. ويحكي سائق "طاكسي" أنه كان مؤخرا ضحية لواحدة من الخلافات ، عندما أشار له أحد المواطنين بالتوقف بساحة 9 أبريل، وبعد توقفه تفاجأ بثلاثة من "الكورتية" وهم يتصارعون حول أحقية كل واحد منهم في أجرة الفضل في وقوف سيارة الأجرة للزبون، خلاف حاول السائق فضه من خلال طرد هؤلاء "الجناكا"، لكنه وجد نفسه تحت رحمة ركلات ولكمات تسببت له في عجز لمدة 21 يوم، حسب ما توضحه شهادة طبية تتوفر "طنجة 24" على نسخة منها.