طالما صرخت الأصوات العالية تنديدا بفوضى العقار التي تعيشها مدينة طنجة في ظل صمت السلطات المحلية والمجالس المنتخبة، لكن فاجعة يوم 6 نونبر من السنة التي أشرفت شمسها على المغيب كانت الصوت الأكثر تعبيرا عن هذا الرفض للعبث العقاري المستمر في المدينة و الذي يحظى في كثير من الأحيان بمباركة السلطة. الكارثة في اليوم الذي كان المغاربة في مشارق الأرض ومغاربها يحتفلون بذكرى استرجاع المغرب لأقاليمه الصحراوية، كان رجال الوقاية المدنية بمزيج من الصدمة وروح التضحية ينتشلون جثث العمال الثلاث الذين انهارت فوق رؤسهم أساسات مشروع المركب التجاري الذي يعود لصاحبه رجل الأعمال المعروف " "أبضالاس". وقد نجم الحادث عن انفجار قناة مائية بالورش المذكور، أدت الى وقوع انجرافات بالمنطقة الرملية التي يقام فوقها الورش وهو ما أدى الى انهيار الأساسات نتيجة الضعط الذي شكله تدفق الماء من القناة التي انفجرت. وكان شهود عيان قد ذكروا لوسائل الاعلام أن تصدعات قد ظهرت في محيط ورش البناء قبل انهياره بأكثر من ساعة، وإن أشخاصا اتصلوا بأصحاب الورش من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة، غير أنه لا أحد تحرك، مما أدى إلى وقوع الكارثة.
المسؤولية مباشرة بعد الكارثة التي عاشتها مدينة طنجة صباح يوم عيد المسيرة الخضراء، انطلقت سهام الاتهامات لتطال أكثر من طرف، حيث حاول البعض اغتنام المناسبة للنيل من الشركة المكلفة بتدبير الماء والكهرباء "أمانديس" من منطلق أنها تتحمل مسؤولية مباشرة عن ما وقع بحكم أن قناة المياه التي انفجرت تعود اليها. وفي نفس الوقت لم يسلم مالك الورش "أبضالاس" من اتهامات بتحمل المسؤولية المباشرة، حيث أن منطقة الأشغال تكاد تفتقر الى اجراءات السلامة، إضافة الى انه لم تكن هناك دعامات حديدية قوية تمنع الانهيار، كما أن عملية الحفر كانت تتم بشكل شبه عشوائي على عمق عدة أمتار من طريق رئيسي تمر فوقه مختلف العربات الثقيلة، بما فيها الشاحنات، مما كان يهدد بانجراف الرمال في أي لحظة، حتى دون وجود تسرب مائي. وبين هذا وذاك، فإن المسؤولية الأكبر يحملها المتتبعون إلى السلطات العمومية في شخص وزارة الأوقاف التي قامت بتفويت القطعة الأرضية التي كان الورش المنهار بصدد البناء، حيث أن الأرض كانت مخصصة لبناء مسجد لساكنة المنطقة التي اعتادت على الاكتفاء بتأدية الصلوات الخمس والجمع في أقبية العمارات.