أصابت عدوى المينانجيت مرة ثانية التلميذ عثمان بنعيسى بمدرسة بوخالف بطنجة، وقبله كان قد أصيب التلميذ حمدي أبو بكر بذات المؤسسة الشهر الماضي. وقد تسبب ذلك في حالة من الذعر بين التلاميذ والأساتذة والآباء. الآباء الذين اضطر أغلبهم للامتناع عن إرسال أبنائهم للمؤسسة التعليمية التي تضم 800 تلميذ خوفا على حياة أبنائهم، بعدما سبق لهم أن نظموا وقفة احتجاجية لذات السبب ثاني شهر يناير الماضي. ويرجع الآباء السبب في انتشار عدوى المينانجيت بالمدرسة لعدد من الأسباب تلتقي كلها على وجود مناخ من التلوث المرتفع بالمدرسة، التي تجاور ومنذ عهود طويلة واديا للصرف الصحي، بينما جد جديد المدرسة مع التلوث بعد أن أقامت شركة الضحى للعقارات عدد من العمارات وبأسفلها عدد الأقبية بها فوهات تنبعث منها روائح كريهة وغازات ملوثة يشرف بعضها على ساحة المدرسة. كما لجأت ذات الشركة الخاصة إلى هدم عدد من المرافق الصحية وحجرات البناء المفكك بالمؤسسة بغرض إقامة 10 مرافق صحية وست حجرات دراسية صلبة، غير أنه لم يتم بناء المرافق وبدلا من ذلك تجمعت المياه الملوثة مكان الهدم والحفر وخاصة بحفرة المراحيض Fausse septique بعدما امتلأت بمياه الأمطار. هذا بالإضافة إلى غياب ربط المؤسسة التعليمية بالماء والوادي الحار وهو ما يجعل من المؤسسة فضاء ملوثا بامتياز بسبب تلوث المراحيض. وقد حمل رئيس جمعية آباء وأمهات وأولياء تلاميذ مدرسة بوخالف السيد محمد مهدي المسؤولية في هذا الوضع لمسؤولي وزارة التربية الوطنية بسبب عدم اتخاذهم ما يلزم من الإجراءات الكافية لتحصين المتمدرسين من عدوى المنانجيت بعد ظهورها، وكذلك الإجراءات الكافية لتحسين فضاء المؤسسة التعليمية خاصة بعد الزيارة التي قام بها مدير الأكاديمية للمؤسسة مطلع الشهر الماضي. وحمل مهدي المسؤولية كذلك لرئيس الجماعة الحضرية لطنجة "العمدة" في عدم اتخاذه ما يكفي لإلزام شركة الضحى باحترام التزاماتها في عقد الشراكة الذي وقعته سنة 2008م لبناء المرافق الصحية والحجرات الدراسية السابقة الذكر. وطالب في نفس الوقت بضرورة تجاوز تلك النظرة الدونية لمدرسة بوخالف كمدرسة هامشية بالمدينة، وطالب بضرورة إيلائها العناية والاهتمام اللازم عن طريق المسارعة لتحسين فضاء المؤسسة التعليمية من خلال ربطها بالماء الشروب وشبكة الواد الحار، وتبليط ساحتها وإحداث قاعة للأنشطة الموازية. من جانبه نفى السيد عبد الكريم الغلبزوري رئيس مصلحة الشؤون الإدارية والمالية بنيابة طنجة - أصيلة أية مسؤولية للنيابة في عقد الشراكة المبرم بين الجماعة الحضرية وشركة الضحى، وأن النيابة بذلت جهدها في التواصل مع السلطات الصحية والقيام بمختلف الإجراءات لمتابعة الحالة الصحية للتلميذ المصاب بالمينانجيت والذي يوجد حاليا في حالة صحية حسنة لا تدعو للقلق. وأن نيابة طنجةأصيلة تبقى منفتحة على كل الشركاء بما فيهم جمعية الآباء بغرض إيجاد الحلول المناسبة للوضع الذي تمر منه المؤسسة حاليا. بينما أسرت إلينا بعض المصادر أن شركة الضحى التي وعدت في وقت سابق من الشهر الماضي بالوفاء بالتزاماتها ببناء المرافق الصحية للمؤسسة، لم توف حقيقة بالتزامات مالية أخرى في مشاريع أخرى كانت مقررة بالمدينة، وهو ما جعل بعض الجهات تتحرك داخل المدينة لإثارة هذه الملفات والبحث عن جوانب الخلل في هذا الشأن. وكانت شركة الضحى قد ساهمت بشكل لافت ومتميز في الرفع من حجم المقاعد الدراسية بطنجة في السنتين الأخيرتين، من خلال بناء عدد من المؤسسات التعليمية الابتدائية والإعدادية بمختلف محاور المدينة (6 حجرات بمدرسة الإخلاص، مدرسة العرفان، مدرسة الإخلاص ...). وذلك في إطار الدور المواطن الذي تلعبه بعض الشركات الخاصة وتصريحها بالبناء للحصول على مقابلها من الإعفاء الضريبي. غير أنه يثار في نفس الوقت مسألة قدرة الإلزام باحترام تلك المشاريع والمراقبة من طرف السلطات المحلية ونيابة طنجةأصيلة، بالنظر لكون تلك المشاريع تنطلق من أرض مملوكة للشركة ومكتب للدراسات وشركة للأشغال والمراقبة تابعة كلها للشركات الخاصة التي تتكلف ببناء عدد من المؤسسات التعليمية، ولعل ذلك ما يحصل حاليا بالنسبة للحجرات الست التي وعدت شركة "الإسمنت طنجة لافارج" حيث توقفت الأشغال منذ مدة ليست باليسيرة، ولا يعرف الآباء والأساتذة والتلاميذ مصير هذا الورش الذي فتح السنة الماضية.