انتقد القيادي في جماعة العدل والإحسان بمدينة طنجة، خالد العسري، الإسقاط الإعلامي على ما يقع في تنظيمات سياسية من تسابق على المناصب على الجماعة. وأوضح العسري، أن " الإخوة في العدل والإحسان كانوا يتهربون من تحمل عبء القيادة، ويودون أن يحين أجلهم وقد رحلوا كفافا"، على حد تعبيره. وفي موضوع آخر، لم يستبعد خالد العسري ضمن هذا الحوار الذي أجرته معه "طنجة 24"، مشاركة الجماعة في حراك شعبي محتمل، مبرزا " أن الجماعة تعتقد أن الشارع هو الذي يشكل التوازن الحقيقي مع سلطة الحكم، وأي فعل مجتمعي يرتكز على السلمية، والوضوح، والمسؤولية، والعمل التشاركي، والحقوق الجلية فنصرته من العدل والإحسان بمثابة تحصيل حاصل". ورسم المتحدث صورة قاتمة لعلاقة الجماعة مع سلطات مدينة طنجة، خاصة بعد أحداث يوم 22 ماي 2011، الذي ما زال بعض نشطاء الجماعة متابعين أمام القضاء على خلفية أحداثه. فيما تبقى العلاقة مع باقي المكونات المجتمعية الحية عبارة عن "علاقة احترام وتواصل وبحث عن النقاط المشتركة لتقويتها". - بعد اختيار خليفة الشيخ الراحل عبد السلام ياسين، هل تعتقد أن جماعة العدل والإحسان اجتازت رهان انتقال القيادة بنجاح؟ بسم الله الرحمن الرحيم، للأسف يتم إسقاط ما يقع في تنظيمات سياسية من تسابق على المناصب بما يجوز وما لا يجوز على جماعة العدل والإحسان، وتكمل منابر إعلامية المهمة بالنفخ في بالون فارغ بكثير من المنشيطات المثيرة شكلا، الفارغة معنى حول رهان الانتقال بعد وداع المرشد المؤسس. ما علمته يقينا أن الإخوة في العدل والإحسان كانوا يتهربون من تحمل عبء القيادة، ويودون أن يحين أجلهم وقد رحلوا كفافا، والأزمة الحقيقية كانت تتمثل في إقناع من انتخبه مجلس الشورى بضرورة تحمله المسؤولية رغما عن إرادته. لن نطيل في شرح أمر يصعب على أصحاب الذهنية الحزبية هضمه، لكنه يسهل على من كانت تربيته تستمد رواءها من المنهاج النبوي الذي لا يمنح المنصب لكل حريص عليه. - البعض رأى في تسمية خليفة المرشد الراحل أمينا عاما بدل صفة المرشد، يحمل في طياته رسائل سياسية عميقة ما مدى اتفاقك أو مخالفتك لهذا الطرح؟ من المشاكل التي تظل عالقة دون فهم العدل والإحسان مقاربة كل ما تأتيه من أعمال من خلال المدخل السياسي، لذلك حرص رئيس مجلس الشورى في الجماعة التأكيد على أن الأمين العام مصطلح غني بدلالاته القرآنية قبل السياسية، ولذلك تم اعتماد هذا العنوان. أما التنازل عن صفة المرشد فدلالاته العميقة هو استمرارية حضور الإمام المجتهد في الجماعة، فروحه سارية في كل أوصالها، وما كتبه يظل موجها لخطواتها، كما أن من دلالاته أيضا الوفاء لعلم حاز معارف القلب، وعلوم الشرع، والخبرة السياسية، والصمود الأسطوري أمام مختلف أشكال التضييق والحصار التي رافقت دعوته، وهو ما سيجعله دوما حيا في ضمير الأمة بله جماعة أشرف على بنائها منذ أخرجها الله من العدم إلى آخر يوم في حياته. - بعد دخول الجماعة في مرحلة جديدة، هل هناك احتمالات عودة شباب ونشطاء العدل والإحسان إلى الشارع لمساندة حراك شعبي محتمل؟ فعلا، جماعة العدل والإحسان تدخل مرحلة جديدة فيما يمس بنيتها الداخلية لا فيما يرتبط بعلاقتها مع مختلف مكونات النسق السياسي المغربي. إن أهم عناوين مرحلتها الجديدة في بنائها الداخلي يتعلق بمستويين: مستوى التأقلم مع قيادة يغيب عنها الإمام المرشد، ومستوى تنزيل بنائها التنظيمي الجديد المجدد لهياكلها ومؤسساتها. أما عن مساندة العدل والإحسان لحراك شعبي محتمل فلكل حادث حديث، والجماعة تركز على المقصد من الأعمال ولا تجمد عند تقديس الأشكال. مع التأكيد أن الجماعة تعتقد أن الشارع هو الذي يشكل التوازن الحقيقي مع سلطة الحكم، وأي فعل مجتمعي يرتكز على السلمية، والوضوح، والمسؤولية، والعمل التشاركي، والحقوق الجلية فنصرته من العدل والإحسان بمثابة تحصيل حاصل. - كيف تصف لنا علاقة الجماعة بالسلطات العمومية هنا في طنجة التي تعتبر من أكبر معاقلها في المغرب، وأيضا مع عموم المواطنين الذين لا تربطهم علاقة بالجماعة؟ علاقة الجماعة بالسلطة في طنجة علاقة ضحية بجلاد، فالعديد من أبناء الجماعة يضيق الخناق على أرزاقهم، والكثير من بيوت الإخوة والأخوات عليها رقابة لصيقة من قبل مختلف الأجهزة الأمنية، وما يزال بضعة عشر عضو متابعين أمام القضاء منذ أحداث اليوم الأسود ل 22 ماي 2011... وهو يوم يلزمه لوحده هيأة إنصاف ومصالحة لجبر ما لحق العديد من أبناء وبنات طنجة من أهواله. باختصار مقاربة السلطة المحلية مقاربة أمنية صرفة وفية للمقاربة المركزية للدولة في تعاملها مع العدل والإحسان ككل. أما علاقتنا مع مختلف القوى المجتمعية الحية فهي علاقة احترام وتواصل وبحث عن النقاط المشتركة لتقويتها، وطنجة تسعى إلى تجاوز الحديث عن قيم الديمقراطية والتعدد واللاإقصاء... من التجريد إلى تجسيدها ميدانيا، وأستثمر هذا الحوار لتقديم الشكر لكل الهيئات التي حجت إلى حفل تأبين الأستاذ المرشد رحمه الله برحمته، والتي عزتنا بلسان الحال والمقال. أما علاقتنا مع عموم المواطنين فترتكز أساسا على اشتراكنا معهم في واقع الاستضعاف، وما يميزنا عن باقي الناس أننا مقتنعون بأنه بإمكاننا من خلال إحياء معاني الإيمان، وإشعال فتيل الوعي، وتحرير الإرادات الكسولة والخائفة أن نحقق التغيير الذي يرتضيه كل شريف وفاضل لوطنه، وهي رسالة تسعى السلطة جاهدة لكي لا تصل إلى المعنيين بها، أو تسعى إلى تحريف مضامينها عن مقاصدها لصرف المواطنين عن دعوتنا. ودوا ذلك، ولكن أنى لهم.