رسم نجيب السكاكي، رئيس الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بطنجة، صورة قاتمة عن الوضع الحقوقي بالمغرب، مبرزا أن كل التقارير الوطنية والدولية في هذا الشأن تؤكد ان المكتسبات الحقوقية في تراجع كبير "خلافا لما تروجه الآلة الدعائية الرسمية"، حسب تعبيره. وجدد السكاكي في هذا الحوار الذي أجرته معه "طنجة 24"، بمناسبة الذكرى 64 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، انتقاده للجان الجهوية لحقوق الإنسان التي انبثقت عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان بموجب الدستور الجديد، معتبرا إياها "واجهة من واجهات الدولة لتسويق الصورة التي تريد ومتى تريد عن وضعية حقوق الإنسان ببلادنا". وعن علاقة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بحركة 20 فبراير، حاليا أكد السكاكي استمرار دعم الجمعية ، واعتبر أنه بالرغم من التراجع الذي تعرفه الحركة، فإن هذه " الوضعية لاتعني نهاية الحركة بقدرما لحظة لبداية جديدة وبأشكال أخرى ، خاصة وأن الشعب قد تحرر من الخوف والدولة وقفت في منتصف الطريق وغير قادرة على إنجازما وعدت بها وتبين للرأي العام بالملموس أن كل الإصلاحات المزعومة هي مجرد خدعة" س-في الذكرى 64 لليوم العالمي لحقوق الانسان، وبعد أزيد من عام على إقرار دستور جديد .في المغرب، كيف تصورون الوضع الحقوقي في البلاد؟ ج- الوضع الحقوقي بالمغرب عموما يشهد تدهورا خطيرا بسبب القمع الممنهج الذي تنهجه الدولة إزاء كل الأصوات والحركات الاحتجاجية السلمية الحقوقية ،الاجتماعية، الديمقراطية والشبابية، المنددة بالفساد والاستبداد، حيث تعرضت لأبشع صنوف التعذيب والمنع والقمع والمحاكمات السياسية. وخاصة حركة 20 فبراير منذ انطلاقتها ، وتصاعدت وتيرة هذا العنف منذ أن تم إقرار الدستور الممنوح وتنصيب الحكومة الحالية في بداية هذه العام. مما أدى إلى سقوط شهداء ) الحسيمة،أسفي، صفرو...( ومئات المعتقلين الذين تم الزج بهم في السجون بتهم مفبركة وملفقة خلال محاكمات صورية تعيدنا إلى مرحلة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ببلادنا. وفي هذا السياق فقد أجمعت كل التقارير الوطنية والدولية على المنحى التراجعي الذي يعرفه الوضع الحقوقي ببلادنا ، في حين سجلت تصاعد الفساد في كل القطاعات رغم الحملة التظليلية التي تقوم بها الدولة عبر وسائل الإعلام العمومية التي تحتكرها لوحدها وكذا مؤسساتها الدعائية الداخلية والخارجية بهدف تسويق الإصلاحات المزعومة و خداع الرأي العام. إلا أن التصنيفات للمغرب في الرتب الأخيرة في التقارير الدولية الصادرة هذه السنة ) حقوق الإنسان، التعليم، التنمية البشرية، الفساد الاقتصادي والسياسي... (شكلت صفعة قوية لهذه الدعاية المزعومة، حيث أن التقرير الأخير حول مؤشر الفساد في العالم الصادر يوم 05 دجنبر 2012 عن منظمة الشفافية الدولية ببرلين صنف المغرب في الرتبة88 من أصل 176 دولة. إن هذه الملامح الدالة، وفي ظل استفحال الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وتشبث الدولة بخياراتها السياسية التي تقوم على الاستبداد والفساد ، فإن مستقبل حقوق الإنسان ببلادنا أصبحت مهددة أكثرفأكثر، وهذا ما يطرح على كل الحقوقيين والديمقراطيين مسؤوليات جسام من أجل مجتمع الحرية والكرامة. س- انبثق عن الدستور الجديد، لجان جهوية تعنى بحماية مجال حقوق الإنسان في البلد. هل تعتقدون أن هذه اللجان قادرة على القيام بهذا الدور؟. وكيف تفسر غياب ممثلين عن الجمعية عن اللجنة الجهوية لحقوق الانسان بطنجة؟ ج- أنتم تعرفون السياق التي تم فيها خلق هذه اللجان الجهوية لحقوق الإنسان والمنهجية التي اعتمدت في ذلك، وقد انتقدناها في حينها باعتبارها لجان رسمية غير مستقلة وغير ديمقراطية وعملها غير محايد، وهي في الحقيقة تشكل واجهة من واجهات الدولة لتسويق الصورة التي تريد ومتى تريد عن وضعية حقوق الإنسان ببلادنا. ومطلبنا الأساسي كما جاء في مذكرة المطالب الأساسية التي رفعتها الجمعية الى الدولة ويتم تحيينها كل سنة هو مراجعة الإطار القانوني لهذه المؤسسات لتصبح مؤسسات ديموقراطية من حيث تكوينها وآليات اشتغالها، مستقلة عن السلطة ومؤهلة للمساهمة في حماية حقوق الإنسان والنهوض بها على غرار المؤسسات الوطنية المماثلة في البلدان الديموقراطية. وغياب الجمعية بهذه اللجان محليا بشكل رسمي هو ينطلق من هذا الموقف. س-وماذا عن علاقتكم بالسلطات العمومية سواء هنا في طنجة، أو باقي مدن المملكة؟ ج- إن هذا السؤال يطرح علينا باستمرار، وبهذه المناسبة أريد أن أوضح بأن علاقة الجمعية بالسلطات العمومية عموما والسلطات المحلية على وجه الخصوص لا تحددها الجمعية بل السلطة ، لأن الجمعية مرجعيتها واضحة تنطلق من مبدأ كونية حقوق الإنسان وأهدافها معروفة، وأدوارها معروفة ووسائل عملها معروفة أيضا. فنحن لا نطلب من السلطة لا أكثر من ضمان وحماية حقوق الإنسان ولا نقبل بأقل منها، وذلك وفق المعايير الواردة في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. وحينما ننتقد السلطة ننتقدها على هذا الأساس، والدافع في ذلك هو حثها والضغط عليها لاحترام حقوق الإنسان. ورغم أن هذا العمل لا يرضي السلطات بالمغرب إلا أن كل التقارير التي تصدر عن منظمات حقوقية وطنية ودولية تؤكد صحة ما تقوم بها الجمعية. س-كنتم في الجمعية المغربية لحقوق الانسان من اكثر مؤيدي حركة 20 فبراير، فأين أنتم من هذا الدعم حاليا؟ ج- نعم كنا في الجمعية من بين الأطراف التي دعمت حركة 20 فبراير ولازلنا، لأنه ببساطة مطالب الحركة في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية تتقاطع كليا مع مطالبنا كحقوقيين، ومادامت هذه المطالب لم تتحقق فإننا سنبقى نناضل مع كل حلفائنا الديمقراطيين وعلى رأسها حركة 20 فبراير. وحاليا وكما تعرفون فإن الحركة تعرف نوعا من التراجع في أدائها، ورغم اختلاف التقييمات في هذا الموضوع فإن كل المتتبعين لهذا الحراك يعتبر أن هذه الوضعية لاتعني نهاية الحركة بقدرما لحظة لبداية جديدة وبأشكال أخرى ، خاصة وأن الشعب قد تحرر من الخوف والدولة وقفت في منتصف الطريق وغير قادرة على إنجازما وعدت بها وتبين للرأي العام بالملموس أن كل الإصلاحات المزعومة هي مجرد خدعة. والدعم الأساسي الذي نقدمه حاليا للحركة هو فضح كل أشكال المنع والقمع الممارس ضد أنشطتها ومؤازرة المعتقلين الذين يقدمون للمحاكمة بتهم ملفقة ويزجون في السجون. وفي هذا السياق فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تعتبر أن مطلب إطلاق سراح المعتقلين السياسيين يشكل اليوم أبرزالقضايا التي تناضل من أجلها، وهذا ما عبرت عنه بمناسة إحياء اليوم العالمي لحقوق الإنسان تحت شعار شعار"جميعا من أجا إطلاق سراح معتقلي حركة 20 فبرايروكافة المعتقلين السياسيين"، وذلك في إطار الحملة الوطنية والدولية التي أطلقها الإئتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان والمجلس الوطني لحركة 20 فبرايرمن أجل حشد دعم القوى الديمقراطية وطنيا ودوليا قصد الضغط على الدولة المغربية لإطلاق سراح معتقلي الحركة وكافة المعتقلين السياسيين.