إسمه المدني أحمد الزبطي.. مسقط موهبته طنجةالعالية.. أما أصدقاؤه المقربون فكانوا ينادونه "عمّو".. وكان هو، كذلك، ينادي كل واحد من أحبائه وأصفيائه عمّو.. وأما الذاكرة الكروية الجمعية، محلياً ووطنياً، فنقشت له من الأسماء الذهبية الخالدة: الروبيو.. وكان، رحمة الله عليه، أشقر السحنة فعلاً، تغار من شقرته نوارس البوغاز.. ألم يكن هو الآخر نورساً بوغازياً محلقاً في فضاء طنجة.. فضاء الوطن.. فضاء الجماهير.. جماهير الكرة (اللعينة)؟ *** يعتبر اللاعب الدولي المغربي الراحل الروبيو أسطورة كرة القدم في تاريخ طنجة على الإطلاق.. إنه اللاعب الذي صنع لنفسه مجداً رياضياً لن ينمحي رغم كثافة غبار النسيان.. وهو الذي استفرد بحب الجماهير الرياضية الطنجاوية، وتربع باستحقاق على عرش الفرجة الكروية في زمن كانت كرة القدم تزاحم الفنون السبعة.. حتى أن النقد كاد أن يصنف هذه اللعبة العجيبة في صندوق فني يحمل الرقم (8).. كم كان جميلا أن نتحدث عن الفن الثامن وأذواقنا ميالة جهة تلك الجلدة الممتلئة بالهواء المضغوط.. لكن، للأسف الأشد، الكرة لم تبق كرة، وهواؤها أصبح ملوثاً فاسداً، وطغت لغة البيع والشراء، وساد السماسرة، وتحول اللاعب إلى مجرد أجير في سوق النخاسة، وصار الجمهور الرياضي الذواق يتراجع إلى الوراء.. الوراء.. إلى أن أخطأ الموعد مع الملاعب وودع الفرجة.. وسجل أيها الشاهد على العصر أن الكرة وناس الكرة، في طنجة وفي المغرب كله، تنكروا للروبيو حيّاً وميّتاً.. ومع ذلك فإن هذا العظيم لم ولن ينتهي تمثال شمع، باستعارة تعبير منير بولعيش شاعر طنجة الراحل قبل الأوان.. *** ظل المرحوم الروبيو وفيّاً لطنجة ولكرتها إلى آخر رمق.. ويسجل له التاريخ صنيعاً لا يمكن أن ينجزه إلا الكبار. ذلك أن عزيزنا الراحل ساهم ذات موسم بجهد جهيد رفقة المدرب الوطني حميدوش في إبقاء فريق الاتحاد قيد القسم الوطني الأول (primera division ) وهو في بداية رحلته مع المرض القاتل. تحقق للفريق الأول البقاء ثم انسحب الروبيو من جديد إلى منطقة الظل يكابد المرض والاغتراب في مدينته الجاحدة الشحيحة، إلا مع الأشباح والمزيفين.. وهكذا.. *** وفي عمق محنته مع المرض الخبيث نادت بعض الأصوات باستدراك الأمور والتعجيل بتنظيم مقابلة تكريمية لهذا الرجل الذي أعطى بسخاء ولم يوفّ حقه من التقدير والاعتبار منذ اعتزاله الميادين.. وفي هذا السياق حشد زميلنا محمد الصمدي كوكبة من الأسماء الوازنة محلياً في برنامج خاص بحضور الروبيو الذي كان قد بلغ السقم منه مبلغه.. أجمع الحاضرون وكل من تحدث عبر هاتف إذاعة طنجة على ضرورة تنفيذ توصية التكريم وبأقصى سرعة ممكنة... إلا أن اللاعب الكبير رحل دون أن يفرح بهذا التكريم الذي طال انتظاره ولم يأت، وهو الذي طالما أدخل الفرحة إلى قلوب الكبار قبل الصغار.. ومع ذلك فإن صاحبنا قد خلف الدنيا وراء ظهره مكتفياً بحب الجماهير العريضة. وتأتي هذه الشهادة المتواضعة في هذا الباب.. كنا نحب عمو الروبيو ولازلنا نكن له كثيراً الاعتبار رحمه الله. *** وفي نقرة أخرى: رحل اللاعب الدولي الكبير وترك زوجة وأطفالا في وضعية لا يحسدون عليها.. والواقع أن قلة قليلة جداً من أصدقائه المقربين ما تزال لروح المرحوم وفية.. من يا ترى يرد بصيصاً من الجميل لأسرة الراحل العزيز؟