من قال إن المخزن الشريف في بلاد المغرب الأقصى/الأقسى لا يشجع الفن والفنانين يكذب.. ولكم في موازين (والموازين المختلة، تحديداً) الدليل القاطع والبرهان الساطع كما يقول "الشرفة" في بهو المحكمة.. ومن يرى أن أصحاب الحال لا يكنون (حقداً) دفينا أو معرضاً (من العرض)، لا شك أنه في غيبوبته ينعم، أو فقد أكثر من حاسة، في زمننا، زمن الفقدان بامتياز.. من بهو المحكمة إلى الزنزانة اقتيد شاب لم يطوّ منه الزمن، بعد، الورقة الرابعة بعد (العشرين) من رزنامة حياته التي اشتعلت اخضراراً، إذ أتاها الربيع (ربيع الشعوب) فأزهرت وفاح عبيرها في أعراس شباب العشرين.. وسار الناس في الموكب- شباباً وشيباً- يتغنون مع "الحاقد" بأغنيات، ليست راقصة على إيقاع شاكيرا التي أعطوها المليار، ولكنها أقرب إلى شدو البلابل.. - واذكروا، جازاكم الله عن (حقدنا) خيراًً، أنه لا معنى للبلبل إذا صودر منه صوته، فبالأحرى وضعه في قفص.. في زنزانة.. في بلد يضق بالبعض عندما يخرج الكل ينشد "التيساع" .. الذي في القلب وفي الوطن.. عام وألف درهم.. هذا جزاء الحاقد الفنان الشاب مقابل فنه.. الحقيقة أن ألف درهم قليلة في حق فنان يحبه جمهور غفير، أغلبه من الشباب، والشباب الفائر بالمواهب، الشباب الثائر بالطبيعة، وبالعلوم أيضاً، العلوم التي هي من السياسة في شيء.. أو أشياء.. بينما عام (في الغربة، كما غنت غيثة) هو كاف لمكافأة هذا الفنان الذي دشن مشواره الغنائي بالنجاح، وإن كان لم يربح المليون في ستوديو دوزيم.. بعض الناس اعتقدوا أن معاذ الحاقد محكوم بسنة نافذة سجناً وغرامة قدرها 1000 درهم.. لا لا ياأحبائي.. الحاقد فاز في برنامج (الاستثناء المغربي) الغنائي وكوفئ بقضاء سنة في منتزه معروف.. أما تلك ال"نافذة" فهي مجرد نافذة يطل منها على "أجمل بلد في العالم" حسب تقويم وزارتنا في السياحة، الله لا يسيّح منا دم، ولا يقتل منا عرق حتى نغني مع الشيخة: "يا ربي خليني حية حتى نشوف الحرية" .. أما الأويلفة، وهنا طاح الريال وهنا لعبوا عليه، هي مجرد قسيمة شراء، لا شك أن كثيراً من المواطنين سمعوا عنها وسوف لن نسمع عنها في زمن الانتخابات الشفافة.. بحثت في قاموس الحاقد عن اشتقاق لهذه "الشفافية" فلم أجد أنسب من بنت شفة.. يعني "بلا بلا" .. طوبى له.. طيبي لهم.. ولأن راوي الكفر ليس بكافر، سأروي لكم "كفراً" لا يناقض معظم إيماننا: * عن عدد هائل من المنابر الإعلامية، عن عمر بنجلون عن هيئة الدفاع قال: "القانون ترك التقدير للقضاء، وبما أن مقياس كل حضارة هو قابلية الرأي المخالف، نقف في هذه القضية، على حجم التخلف السافر في العقلية السياسية الجنائية بالمغرب". * وفي حديث آخر عن منظمة "هيومان رايتس ووتش" : "إن هذه القضية، بشكل بسيط وواضح، قضية حرية تعبير. وكل يوم يُمضيه بلغوات حبيساً هو تذكير بالمسافة بين قوانين المغرب وممارساته، والحقوق المكفولة في دستوره الجديد". وإلى أن يعانق الحاقد الحرية ويعود إلى أهله وأصدقائه وجمهوره، دعونا نغني: شحال من حاقد فينا راقد..