الحكم الذي أصدرته محكمة في الدارالبيضاء، في حق فنان الراب معاد بلغوات، الملقب بالحاقد، والقاضي بسجنه أربعة أشهر نافذة، وهي المدة التي قضاها الفنان الشاب داخل السجن، جاء لحفظ ماء الوجه لأكثر من جهة ورطت نفسها في قضيته. فالحكم الذي أدان الفنان الشاب رغم ضعف الأدلة وتناقض أقوال الشهود، وعدم احترام شروط المحاكمة العادلة، يبقى حكما غير منصف وأكثر من ذلك فهو أبعد ما يكون عن العدل. بل وفيه ظلم آخر للفنان الشاب، بما أنه قضى عليه بالسجن النافذ لمدة أربعة أشهر، وهي المدة التي انتهت يوم 9 يناير، وبالتالي، وحسب منطوق الحكم، فإن بقاء الحاقد في السجن من 9 حتى 12 يناير، يوم صدور الحكم، هو تعسف آخر في حق حرية الفنان تقره هيئة القضاء التي حاكمته في جلسة ماراثونية (دامت 13 ساعة) طيلة ليلة 10 و11 يناير، في يوم عطلة وطني (ذكرى تقديم وثيقة الاستقلال)، وفي فترة كان من المفروض فيها أن يكون الحاقد حرا طليقا حسب نفس منطوق الحكم ! الحكم ضد الحاقد لم يكن يهدف إلى إعادة الحرية إلى الفنان الشاب، بقدر ما كان يهدف إلى حفظ ماء وجه القضاء الذي استعمل كأداة في قضية سياسية لمعاقبة فنان شاب تجرأ على ترديد أغاني تنتقد الوضع في المغرب. وحفظ ماء وجه حكومة بنكيران التي ورثت ملفات سياسية ثقيلة عن حكومة عباس الفاسي، وعلى رأسها الملفات ذات الطابع الحقوقي. وقد جاء الحكم على الحاقد لرفع الحرج ولو مؤقتا عن مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات في الحكومة الجديدة الذي وجد نفسه عاجزا أمام أسر وأقرباء موكليه بالأمس عندما طلبوا منه أن ينفذ فقط ما كان يطالب به كمحامي لموكليه، بعدما أصبح في موقع القرار ! متابعة الحاقد ومحاكمته كانت منذ البداية سياسية، بسبب كلمات أغانيه التي تنتقد السلطة، ومع الأسف فالحكم الصادر عنه هو أيضا سياسي، لأنه صدر لاعتبارات سياسية. أما الشاب الذي عاش أسوأ كابوس في حياته فإن السجن صنع منه رمزا لآلاف الشباب المغاربة التواقين إلى التغيير، ومن كلماته شعارات ترددها الحناجر المحتجة.. وهذه هي أكبر هدية خرج الحاقد يحملها من زنزانته وهو يعانق الحرية من جديد... الحاقد يخرج منتصرا على غباء من كان وراء اعتقاله ومحامته.. حنظلة...