لا يزال ملف المدينة القديمة بالعرائش يراوح مكانه، رغم المسيرات والوقفات الإحتجاجية للساكنة.ويقول مواطنون متضررون بسبب إنهيار بعض من منازلهم وتشقق أخرى، إن السلطات المحلية بالمدينة غير جدّية،والمسئولون ربما ينتظرون إزهاق الأرواح لكي يتحركوا لإصلاح وترميم منازلهم المنهارة أو الآيلة للسقوط. في غضون ذلك عرفت مدينة العرائش طوال الأسبوع هطول أمطار الخير والبركات، إرتوت بها الأرض، وعمّت الفرحة والبهجة قلوب صغار الفلاحين.لكن الأمر لم يكن مرحب به بتلك الدرجة من السرور لدى ساكنة المدينة القديمة بعد إنهيار بعد المباني والأسوار في الآونة الأخيرة. وتروي فاطمة الخياط أم لستة أطفال وصاحبة فيديو نشر على اليوتوب وشاهده عشرات الآلاف من المواطنين ، وهي التي تقطن في منزل انهار نصفه وظلت تقطن في غرفتين هي وأختها المطلقة مع أبنائهما قائلة " نعيش حياة صعبة،كما ترون منزلنا شبه منهار ولم تتبقى منه سوى غرفتين صالحتين للعيش،كيف لنا أن نعيش في مثل هذه الظروف ؟" وتضيف فاطمة والحيرة تعلو وجهها " كل يوم ومنذ سنة تقريبا تقض الكوابيس مضجعي كلما حملت السماء تباشير الخير والقطر" وأشارت إلى أنها توزع أبنائها كل ليلة على الجيران مخافة أن تفقدهم لو إنهار عليهم بقية المنزل الذي يأويهم في أي لحظة. من جهته أعرب فؤاد الشقاف عضو تنسيقية "دير يدك معانا من أجل العرائش" وهي هيأة تهتم بهذا الملف وتتبناه، عن غضبه و إمتعاضه بسبب عدم تجاوب السلطات المحلية مع مطالب ساكنة المدينة القديمة وقال" إعتقدنا أن قطار ملف المدينة القديمة أخد مساره الطبيعي، لكننا نفاجأ بإصطدامه ببيروقراطية الإدارات، هذا الأمر يضيف الشقاف " سيؤثر حتما على ساكنة المدينة القديمة التي تعيش وضعية صعبة ومزرية،لقد رأينا شقوق فظيعة والكثير من المنازل خربة ومهدد بالانهيار، ومواطنون يرزحون تحت الفقر والتهميش، وهذا أمر غير مقبول في مغرب 2012" وعن البطئ الشديد الذي يتّسم به تفاعل المسؤولين مع الملف صرح الشقاف لموقع طنجة 24 قائلا " لقد إلتزم السيد العامل في إحدى لقاءاتنا معه بإعادة إيواء بعض الأسر المتضررة وأداء السومة الكرائية للمتضررين لمدة ثلاثة أشهر،في انتظار إنطلاق أشغال التهيأة والترميم،وقال عامل الإقليم إنه سيسهر شخصيا على ملف المدينة القديمة" وأوضح الشقاف أن عمل اللجان يتسم بالبطء السلحفاتي، محذرا السلطات ومحمّلا إياها المسؤولية كاملة في حالة لا قدّر الله سقوط الدور على قاطنيها ،وما قد يتبعها من فاجعة إجتماعية وإنسانية" حسب أقوال الشقاف. و ردّا على ما تم تداوله من أن المسئولين قاموا بترميم بعض منازل أقربائهم وبعض كبار الموظفين في عمالة وبلدية العرائش في حين تركوا باقي منازل المواطنين البسطاء منذ سنة 2007 إلى الآن. أوضح الشقاف أن ما "نعيشه الآن هو بسبب عدم تفعيل إتفاقية الشراكة المبرمة لتأهيل المدينة العتيقة لسنة 2007 وكانت موقعة من طرف وزارة الإسكان والتعمير وعامل الإقليم ورئيس الجماعة ومدير عام شركة العمران،العملية شابها التدليس والغموض ونتسائل أين ذهبت الميزانية" وأضاف "إن الاتفاقية شابها الكثير من الغموض، وتم نهب الموارد المتاحة فيما تم توزيع الفتات على بعض المقربين الذين رٌمّمت منازلهم بالفعل لذر الرماد في العيون،في حين ظل السواد الأعظم من ساكنة المدينة القديمة بالعرائش تحت رحمة السماءّ . إلى ذلك ختم الشقاف كلامه بالقول " نحن في تنسيقية دير يدك معانا من أجل العرائش وبمعية ساكنة المدينة القديمة، نؤكد على الإستمرار في النضال السلمي والمشروع حتى تفعيل مقتضيات الدستور الجديد المتعلقة بالحق في السكن اللائق والعيش الكريم للجميع". الجدير بالذكر أنه عٌقدت اتفاقية شراكة من أجل تأهيل المدينة العتيقة بالعرائش شهر يونيو 2007،بين عدة أطراف ، منها وزير الإسكان والتعمير السابق توفيق حجيرة، و عامل إقليمالعرائش الحالي المرابط الترغي، و رئيس الجماعة الحضرية السابق عبد الإله الحسيسن، و المدير العام لمجموعة العُمران-البوغاز يونس السفياني. وحسب الديباجة، تهدف الاتفاقية إلى إعادة تأهيل المدينة العتيقة للعرائش، و تتفق جميع لأطراف المتعاقدة بشراكة مع مجموعة العمران على معالجة الأبنية الآيلة للسقوط وإنجاز التجهيزات الأساسية، وتهيأة الهوامش وإعادة الاعتبار للمعالم ذات الأهمية المعمارية ودعم وإصلاح أسوار المدينة القديمة. ويتطرق الفصل الثاني من الإتفاقية لمسألة إيواء قاطني البنايات المهددة بالانهيار. للإشارة يهدف البرنامج إلى إعادة إسكان 100 أسرة بشقق ذات تكلفة منخفضة وتدعيم 400 مسكن مهدد بالانهيار سيستفيد منها أزيد من 1200 أسرة ورٌصدت له ميزانية بلغت مليار و سبعمائة مليون . وتتفق الأطراف المتعاقدة على معالجة الأبنية الآيلة للسقوط وإنجاز التجهيزات الأساسية وتهيأة الهوامش وإعادة الاعتبار للمعالم ذات الأهمية المعمارية ودعم وإصلاح أسوار المدينة القديمة.