عاش إقليمالحسيمة منذ بداية العام الجاري على وقع دينامية غير مسبوقة تروم إنجاز المشاريع المسطرة في إطار برنامج "الحسيمة.. منارة المتوسط"، وهو عام أنارت فيه هذه المشاريع التنموية بربوع الإقليم. وبفضل المتابعة الحثيثة لسير كل المشاريع، أصبح الإقليم ورشا مفتوحا على كافة الأصعدة، بتعبئة من مختلف المتدخلين. وتجسد ذلك في الزيارات الميدانية لمسؤولين من القطاعات المركزية والجهوية للوقوف على مدى تقدم إنجاز مختلف البرامج القطاعية، تنفيذا للتوجيهات الملكية الداعية لاتخاذ كافة الإجراءات التنظيمية والقانونية، لتحسين الحكامة الإدارية والترابية، والتفاعل الإيجابي مع المطالب المشروعة للمواطنين، في إطار الاحترام التام للضوابط القانونية، في ظل دولة الحق والقانون. وقد مكنت هذه الدينامية من رفع نسبة تقدم مشاريع برنامج "الحسيمة، منارة المتوسط" إلى حوالي 95 في المائة إلى غاية أواخر يونيو الماضي، كما التزمت مختلف القطاعات بتعبئة أزيد من 5 مليارات و 549 مليون درهم، من أصل 6,5 مليار درهم المبرمجة، مع حرصها على الوفاء بالتزاماتها ضمن الآجال المحددة وأن تكون مشاريعها بالمواصفات المطلوبة، مع ضمان توزيعها "المنصف" بين مختلف المجالات القروية والحضرية لتقليص الفوارق داخل الإقليم. ولعل المجهود الذي قامت به السلطات العمومية ضمن برنامج "الحسيمة .. منارة المتوسط" يعكس بشكل ملموس العناية التي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لهذه المنطقة من المملكة، حيث تمت برمجة 804 مشروعا في مختلف المجالات، مع التركيز بشكل أساسي على قطاعات الخدمات الأساسية للقرب ودعم الفئات الأكثر هشاشة وتعزيز الجاذبية الاقتصادية للإقليم ودعم البنيات التحتية. وقد أعطى التدخل الملكي، بعد التعثر الذي عرفه تنفيذ العديد من المشاريع ضمن برنامج "الحسيمة .. منارة المتوسط"، زخما جديدا للدينامية التنموية التي شهدها الإقليم على مدى السنة الفارطة، وهو ما تعكسه مجموعة من الأرقام. ففي قطاع الصحة، ب ذلت مجهودات جبارة لتجويد الخدمات المقدمة سواء تعلق الأمر بالمناطق الحضرية أو بالمراكز القروية، حيث تمت تعبئة 441 مليون درهم لتشييد مركز استشفائي إقليمي جديد، وبناء 5 مراكز صحية جديدة، إلى جانب تأهيل 28 مركزا صحيا آخر، وتهيئة وتجهيز المركز الجهوي للأنكولوجيا بمدينة الحسيمة. كما أن من شأن برنامج "منارة المتوسط" أن يحل بشكل نهائي مشكل التزود بالماء بعد الانتهاء من المشاريع الجاري تنفيذها بغلاف مالي قيمته 900 مليون درهم، والتي تسعى لدعم تزويد المناطق الحضرية والقروية بالماء الصالح للشرب والتطهير السائل، حيث سيتم بناء محطة لتحلية مياه البحر، وتأهيل استغلال فرشتي "غيس" و"نكور"، ودعم تزويد العالم القروي من سد بوهودة بإقليمتاونات. ويتوفر إقليمالحسيمة على واحد من أعلى معدلات الكهربة علي الصعيد الوطني، حيث رفع برنامج المنارة هذا المعدل إلى 99,95 في المائة، من خلال مشروع استهدف 23 دوارا موزعين على 12 جماعة قروية. بدوره، يعتبر قطاع التعليم من الركائز الأساسية لبرنامج "منارة المتوسط"، حيث خصص غلاف مالي بقيمة تصل إلى 400 مليون درهم، إلى غاية متم عام 2019، لتمويل 324 مشروعا لإحداث مدارس ابتدائية وثانويات إعدادية وتأهيلية وتشييد مدارس جماعاتية وإصلاح عدد من المؤسسات المدرسية بالإقليم، ما سيساهم في توسيع البنية التحتية والرقي بالعرض المدرسي وتحسين جودة التعليم. كما اقتربت المشاريع ال 115 بقطاع الفلاحة، باستثمار إجمالي يصل إلى 325 مليون درهم، من الانتهاء من الإنجاز، وهي المشاريع الموزعة على غرس الأشجار المثمرة (8700 هكتارا)، وقنوات الري الصغير والمتوسط (100 كلم)، وشق المسالك القروية (100 كلم). وتروم مشاريع قطاع الثقافة صيانة وحماية التراث الثقافي وتثمينه باعتباره رافدا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، حيث يجري تنفيذ عدة مشاريع، بشراكة مع وزارة الداخلية، بغلاف مالي يقدر بحوالي 82 مليون درهم، بلغت مراحل متقدمة من الإنجاز. أما على المستوى البيئي، فقد تم إطلاق مشروعين مهيكلين في مجال تدبير النفايات الصلبة، ما من شأنه أن يساهم بشكل فعال في الحفاظ على البيئة والحد من التلوث بهذا الإقليم الذي يزخر بمؤهلات طبيعية خلابة، ويتعلق الأمر باستثمار يفوق 84 مليون درهم لتأهيل المطرح العمومي لمدينة الحسيمة، الذي يوجد فوق تراب جماعة أجدير، وتأهيل المطرح العمومي بجماعة تارجيست، ما من شأنه تعزيز محاربة النقط السوداء والمكبات العشوائية على مستوى الإقليم. وتشهد البنيات التحتية الرياضية نهضة غير مسبوقة، سواء تعلق الأمر بالرياضات الموجهة للنخبة أو للهواة، حيث تم إنجاز حوالي نصف ملاعب القرب المسطرة (68 مشروعا) وإطلاق دوري المنارة بمشاركة 11 ألف رياضي، كما تتقدم أشغال بناء قرية رياضية موجهة للنخبة، وتضم ثلاثة مكونات أساسية، تتمثل في الملعب الكبير للحسيمة ومسبح أولمبي وقاعة مغطاة متعددة الرياضات. ويبدو من خلال الأرقام، أن من شأن برنامج "منارة المتوسط" أن يجعل من إقليمالحسيمة "قطبا اقتصاديا حقيقيا"، كما أكد رئيس الغرفة الجهوية للتجارة والصناعة والخدمات، عمر مورو، خلال لقاء اقتصادي بالإقليم، موضحا أن البرنامج "يدعم التنمية المحلية ويحسن مستوى ولوج السكان للخدمات الاجتماعية (...) وهو عامل يشجع على جلب الاستثمار وتوفير مناصب الشغل". بفلسفته الشاملة، سيكون للبرنامج الملكي "الحسيمة، منارة المتوسط" وقع كبير على ساكنة الإقليم مباشرة بعد دخول مختلف مشاريعه حيز الاستغلال، حيث أرسى قواعد تنمية اقتصادية واجتماعية متسارعة، كما أسس لحكامة محلية تقوم على ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتجعل الإنسان المحور والغاية من التنمية. (*) و م ع