لم تعد هواجس القائمين على الشأن الرياضي المغربي مقتصرة فقط على تحقيق النتائج الإيجابية في مختلف المنافسات والتظاهرات الدولية، التي تقام خارج المغرب، خاصة في أوروبا، بل أصبحت تتعداها لمخاوف من هروب اللاعبين جماعيا أو فرديا. أصبحت تلك الظاهرة أمرا شائعا ومألوفا لدى متابعي الشأن الرياضي المغربي حتى أنها تسمى بالعامية "الحريك"؛ حيث يفضل العشرات من الأبطال المغامرة بالهجرة غير النظامية إلى خارج البلاد. و"الحريك الرياضي" لم يعد قاصرا فقط على الألعاب الأقل شعبية في المغرب، كالمصارعة والملاكمة وفنون الحرب، التي تعاني ضعف الإمكانيات، وضعف العائد بالنسبة للرياضيين الممارسين لها، بل باتت تشمل أيضا لاعبي ولاعبات كرة القدم والمنتخبات الوطنية. ففي الأسبوع الثاني من غشت الماضي، وخلال مشاركة المنتخب المغربي النسائي، في دوري "كوتيف" الدولي بإسبانيا، تم الإعلان عن هروب لاعبة كرة القدم مريم بويحيد لتصبح أول لاعبة تتخذ قرار الهروب. إسبانيا "أرض الأحلام" وتعد إسبانيا أرض الأحلام وملاذ الرياضيين المغاربة للهروب إليها، والتاريخ خير شاهد على ذلك. ففي صيف 2005، وعندما كان المغرب يشارك في ألعاب البحر الأبيض المتوسط بإسبانيا، قرر حميد بن حمو، بطل ألعاب القوى الهروب من القرية الأولمبية (منطقة تواجد الوفود المشاركة بالبطولة). ولم يمر على تلك الواقعة طويلا، فبعدها بساعات اختفى 4 أبطال من بعثة "الكاراتيه"، من بينهم فتاتان. ويضاف إلى ذلك، العديد من الوقائع الأخرى الشاهدة على هروب الرياضيين في إسبانيا، ويشمل ذلك هروب المصارعين أيوب حنين وأنور تانغو (يونيو2018)، والملاكم أنس برشامي (أكتوبر 2016). وفي يناير الماضي، وبينما كان المنتخب المغربي لكرة اليد، يستعد للبطولة الإفريقية، في إحدى المدن الإسبانية، تفاجأ الجميع، بغياب كل من هشام بوركيب، لاعب مولودية مراكش، ويوسف الطماح، لاعب نادي وداد السمارة، ليتأكد هروبهما، ويعود المنتخب للديار دونهما. حلم الهجرة أكبر من الاحتراف وفي ظل تلك الوقائع المتكررة من هروب الرياضيين المغاربة، قال الملاكم أشرف خروبي (بطل إفريقيا في الوزن الخفيف)، ل"الأناضول"، إن غياب الاهتمام والدعم المادي هما العاملين الأساسيين، اللذين يدفعان اللاعبين إلى اقتناص فرصة المشاركة في فعاليات دولية، من أجل الهجرة غير النظامية نحو الخارج. وأضاف: "تهميش الأبطال المغاربة وعدم تقديرهم ماليًا يجعلهم ينتظرون أول فرصة للهروب خارج الوطن، خاصة في أوروبا، بحثًا عن فرص جديدة، أو عيش كريم". واعتبر خروبي أن "حلم الهجرة أصبح أكبر من حلم الاحتراف الرياضي، وذلك عندما يغيب الاهتمام بالرياضيين، ولا يعكف المسؤولين على مساعدتهم على المستوى الاجتماعي". وعن كيفية الحد من انتشار ظاهرة هروب الرياضيين، قال خروبي: "لن يتم الحد من هروب الرياضيين إلا إذا قام المسؤولون بتوفير جميع شروط وظروف الممارسة لتأهيلهم للاحتراف، والمشاركة في بطولات تعود عليهم بالنفع المادي". ومتفقا مع سابق، رأى محمد داوود، المسؤول في الاتحاد المغربي للتايكوندو، أن انتشار هذه ظاهرة الهروب وسط الرياضيين المغاربة يعتبر أمرا عاديا؛ نتيجة للظروف الاجتماعية الصعبة التي يعاني منها حوالي 90% من نجوم الرياضة في البلاد. وأضاف ل"الأناضول": "يجب التفكير منذ الآن في صيغ لمنح مكانة اعتبارية للأبطال؛ فلا يمكن أن يخوض البطل 200 يوم، في معسكر إعدادي، ويشارك في تظاهرات دولية، ويفوز ب4 بطولات إفريقية متتالية، وتطالبه باجتياز مباريات التوظيف شأنه شأن باقي المتبارين". واختتم داوود تصريحاته بالقول: "الرياضي كالجندي يقاتل ويغامر من أجل الوطن؛ لذلك علينا أن نمنحه مكانة خاصة وأن نعطيه الأمل في المستقبل". *وكالة أنباء الأناضول