جاء في نشرات الأخبار: الهدم يطال علو طنجة... أعناق الجرافات العملاقة تجاوزت ملعب مرشان وطالت مقهى الحافة... و"البحر الأزرق المديد" يموج بتضارب المواقف وتلاطم ردود الفعل والقول: هذا فعل مدان/ هذا فعل مؤيَّد.. هذا ضد القرار/ هذا مع القرار.. والتراكس يقوم بعمله غير مكترث لا لهذا ولا لذاك.. الهدم قائم والكلام قائم، وماذا بعد؟ أما بعد، ارتبط وجود مقهى الحافة ب (أسطورة الحجر والبحر والخبر).. اجلس وانظر واسمع.. ارتح ومتع النظر وشنف السمع.. ستأتيك نوارس الأبيض المتوسط بالخبر اليقين من الماء ومن السماء.. ثم جاء رجل من أقصى شجرة العائلة المالكة، فعاث في المقهى الذي في الذاكرة مسوخاً.. بدا له الربيع (مخضراً) ولم تبد له الحافة برمزيتها الآيلة للسقوط من علٍ.. فما كان من "دار الهدم" إلا أن تذرعت وتشبثت ب"القانون" وقالت "نون" لأبي عيون مليئة بزرقة المدى.. وكان الذي يكون. مقهى الحافة أكثر من مكان لتوزيع القهوة وأتاي بالنعنع أو فضاء للالتقاط الصور والأنفاس. مقهى الحافة، صار مع تعاقب السنين والحقب فرعاً من فروع طنجة الساحرة. مقهى الحافة اسم من أسماء طنجة الآسرة. مقهى الحافة ذاكرة حية ومعلمة قائمة وتراث للناس كافة. شخصياً، لست معنياً كثيراً بالأسماء والشخصيات التي مرت من هنا، ولو كان تشرتشل نفسه، ولكن الأهم عندي هو هذا الفضاء الذي خرج من جغرافيتنا المباركة وجرت بذكره الكتب والروايات في كل بقاع العالم. وتقلقني بعض المبررات وتضحكني في آن، وهي شبيهة بمواقف بعضنا من الإجهاز على المنحوتاتوالتماثيل... يقول بعض المعلقين، وهم أحرار في تعليقاتهم (الزرقاء): المقهى الذي أصبح وكراً للحشاشين والمارقين والداعرين يجب هدمه من أساسه... بهذا المنطق، يكون جزء هام من بلادنا مهدداً بالهدم، لا قدر الله! نم أيها الشكري مطمئناً، لا خوف على "مقهى الحافة" من الاندثار ماذا الزبير بن بوشتى حفظها في كتاب جميل، نقرأه ونحفظه عن ظهر حب. التحيات الزكيات.. - نلتقي !