الشقيقتان المغربيتان نجلاء ورجاء لشقر، ظلتا وفيتان لحلمهما الذي راودهما منذ نعومة أظافرهما، فاقتحمتا عالم السيارات والميكانيك من أوسع أبوابه، لتعلنا عن تحدّ بلا حدود للصورة النمطية التي رسمها المجتمع عن المرأة ودورها في الحياة المهنية. في إحدى الورشات الخاصة بإصلاح السيارات في مدينة تطوان، شمالي البلاد، تنهمك نجلاء ذات ال23 ربيعاً، مرتدية بذلتها الرمادية وقد ابتلّت أيديها الناعمة ببقع البنزين الداكنة، في معالجة محرك سيارة معطل. وعلى بعد خطوات منها، تشتغل شقيقتها رجاء (24 عاما)، في عمل مماثل إلى جانب سبعة من العمال جميعهم رجال. “منذ نعومة أظفارنا ونحن مولعتان بعالم السيارات وطالما راودنا حلم أن نشتغل في هذا المجال”، تتحدث نجلاء عن البداية الأولى لدخولها هي ورجاء عالم الميكانيك والسيارات الذي يمثل فضاء ذكوريا بامتياز في المجتمع المغربي. نشأت الشقيقتان رفقة 9 إخوة آخرين بأحد الأحياء الشعبية لتطوان. ووسط حي شعبي، حيث تعد بعض المهن حكرا على الرجال، كانت نجلاء ورجاء على ثقة تامة، أن جرأتهما في اختيار مسارهما المهني، من شأنه أن يعيد تفكير الشباب الفاقد للأمل نحو المستقبل. لا تخفي نجلاء، في حديث لمراسل الأناضول، أن البداية كانت صعبة جدا؛ حيث وجدت وشقيقتها اعتراضا كبيرا من طرف والديهما وأشقائهما الذين لم يستسيغوا تخصّص ابنتيهما في هذا المضمار. ورغم ذلك، أبت الشقيقتان المولعتان بعالم الميكانيك والسيارات، إلا أن تحققا حلم الطفولة. وعن ذلك تقول نجلاء: “لقد كنا الوحيدتان وسط فوج من الذكور بشعبة الميكانيك التي درسناها بأحد مراكز التدريب في تطوان”. مضت فترة التدريب سريعة في عالم الميكانيك؛ لتسفر عن تخرج أول فوج يضم فتاتين. خطوة شجعت الكثير من الفتيات على دخول هذا المضمار، لكن حظ نجلاء ورجاء ونظرة المجتمع، لم يسعفا أعدادا كبيرة للسير على درب الشقيقتين؛ فالانتقال من الدروس النظرية إلى التطبيق صعب للغاية، ومعظم الأسر لا تشعر بالارتياح حيال ولوج بناتهن هذا الميدان، حسب ما تؤكده نجلاء. وتكشف ذات المتحدثة عن طموحها هي وشقيقتها لفتح مرآب خاص لإصلاح السيارات خاص بالنساء “الهدف الأول منه هو فتح المجال للشابات الطموحات للتخصص في الميكانيك ﻻجتياز فترة الدروس التطبيقية، وتجنيبهن الصعوبات التي واجهتها أنا ورجاء”. وتشدّد نجلاء على أن “المجتمع يجب عليه إدراك أنه ليست هناك مهن حكر على الرجال وأخرى خاصة بالنساء؛ فالرجال سواسية في الحقوق والواجبات وأيضا في المواهب والقدرات”.