– سعيد الشنتوف(تصوير : يونس الميموني ) لا يعرف سكان مدينة طنجة، الشيء الكثير عن سينما “فوكس”.فبالرغم من استمرار وجود لافتة مثبتة في بقايا بناية متهالكة في قلب المدينة العتيقة، تشير الى هوية هذا المكان، الا ان حالته المتردية تصرف اعين العابرين عنها، غير مدركة بان هذه البناية تمثل جزءا من تاريخ طنجة الفني الغني. سينما “فوكس” الرابضة بنايتها المتداعية للانهيار وسط المدينة العتيقة، كانت تتويجاً لفترة ازدهار ثقافي وفني في منطقة طنجة الدولية، إذ استقطبت جمهوراً كبيراً من محبي الفن السابع من مختلف الشرائح الاجتماعية، ووفرت له مواصفات دور السينما الحديثة منذ اواخر العهد الدولي، وعرضت فيها أفلام شهيرة خلال تلك الفترة. وتأسست هذه القاعة السينمائية تحديدا في سنة 1951، وكانت في بدايتها عبارة عن صالة لعرض الافلام الامريكية والاوروبية المستوحاة من اشهر الكتابات الروائية الغربية، قبل ان ينتهي بها الامر الى عرض الافلام العربية في اواخر الخمسينات وبداية الستينات، حسب ما يذكره المؤرخ المتخصص في تاريخ المغرب والاندلس، رشيد العفاقي. ويشير العفاقي، في حديث لجريدة طنجة 24 الالكترونية، ان سينما “فوكس”، كانت تعد من صالات السينما الاكثر شعبية، حيث استقطبت جمهورا كبيرا في اواخر الفترة الدولية وبداية عهد الاستقلال. ويستعيد أحد سكان المدينة العتيقة، فترة من تاريخ هذه القاعة السينمائية التي عاشها في فترة الخمسينات. “كانت هذه القاعة تعرض افلاما لاشهر نجوم السينما المصربة، امثال عبد الوهاب وليلى مراد وكريم محمود وغيرهم”، حسب ما يبرزه هذا المواطن السبعيني، في دردشة للجريدة. ويتذكر المتحدث، بكثير من الحنين، سعر تذكرة السينما لم يكن يتجاوز درهما واحدا وبضع سنتيمات، قبل ان يرتفع تدريجيا، حتى اغلاقها من طرف مالكيها ذوي الجنسية الهندية. اليوم لم يبق من ذلك التاريخ إلا طيف من الذكريات، وعشرات من الكراسي الخشبية المتهاكلة في فضاء الصالة الواسعة، فيما يملأ الغبار والازبال ومخلفات الطيور ردهات البناية وممراتها الخارجية. ويعتبر الوضع الراهن لهذه القاعة السينمائية، حسب الباحث رشيد العفاقي، مبعث اسف للحالة التي انتهى بها الأمر، حيث تحولت الى مكان مخرب يعاني من حالة اهمال، بعد ان كانت قبل سبعين عاما صرحا ثقافيا يشكل احد معالم الذاكرة الفنية لمدينة طنجة. ويرى العفاقي، ان على المسؤولين في المدينة ان يولوا اهتمامهم لهذه القاعة، اما باعادتها الى طبيعتها الاصلية، او تحويلها الى متحف او الى صالة عرض حديثة. ين الفينة والأخرى، تعيش بناية القاعة السينمائية، انهيارات متتالية في غياب أي مبادرات من طرف الفعاليات العمومية والمدنية، باستثناء ما يقوم به بعض سكان الحي، من عمليات جمع الازبال والاحجار المتراكمة في فضائها ومحيطها. “هذه البناية تشكل مصدر خطر على سلامة السكان”، يقول شاب من سكان الحي. وحسب هذا الشاب الذي صادفته “طنجة 24” منهمكا في تجميع مخلفات الانهيارات الجزئية من امام باب منزل اسرته “فان هذه القاعة تمثل واحدة من اقدم القاعات في المغرب لكن القليلين من يعرف ذلك”، مطالبا المسؤولين بالقيام بواجبهم وترميم هذه البناية لتجنيب المواطنين اي مكروه يمس سلامتهم.