حلت السفينة الشراعية الفرنسية “ليرميون”، النسخة طبق الأصل لفرقاطة “لافاييت”، بمدينة طنجة حاملة شعار الحرية والسلام والتضامن والعيش المشترك.وأصبحت سفينة “ليرميون”، التي رست بميناء طنجةالمدينة يوم الأربعاء الماضي، أي قبل 48 ساعة عن الموعد المحدد، بعدما أبحرت قبل 10 أيام من ميناء “لاروشيل” بغرب فرنسا في رحلة ستمكنها من زيارة 12 مدينة ساحلية بالأطلسي والمتوسطي على مدى أربعة أشهر ونصف، سفيرة للفرنكوفونية، لنشر قيم السلام والتسامح والحوار والقبول بالآخر وباختلافه وبكافة القيم الإنسانية الكونية.وأشار وزير العدل، محمد أوجار، في كلمة بمناسبة حفل استقبال السفينة الذي انعقد الجمعة بطنجة، إلى أهمية الاحتفال بهذه اللحظة القوية، والتي التقت فيها قارتان (أوروبا وإفريقيا)، وكذا المحيط الأطلسي بالبحر المتوسط، مشيدا بالمنظمة الدولية للفرنكوفونية، والتي يعتبر المغرب عضوا نشيطا بها منذ زمن طويل، وجمعية “إيرميون-لافاييت”، لتنظيمهما هذه “المبادرة الفريدة التي تحمل في طياتها مشروع صداقة دولي، زاد شرفا بالرعاية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس”.وقال إن “هذه المبادرة تأتي في وقت من التاريخ حيث تبرز الحاجة الملحة إلى القيم التي تنشرونها. نعيش في عالم حيث نلاحظ حولنا تنامي التطرف العنيف واستغلال الشباب بخطابات تحرض على الانكفاء على الذات ورفض الآخر، خطاب الكراهية الذي يغذي إيديولوجية تبرر الأفعال الإرهابية”، مبرزا أهمية هذه التجربة الإنسانية التي التقى خلالها مجموعة من الشباب من مختلف الآفاق، لوضع قدرتهم على التضامن على المحك، واختبار روح الفريق وانفتاحهم.وأكد على أن المغرب “لا يمكن أن يفوت الفرصة من أجل الاحتفال، هنا بمدينة طنجة، بذكرى إطلاق مبادرة ‘أحرار معا'، والتي تحث على السلام والتنوع والتضامن، وأن يشارك في هذه المبادرة التي تحتفي بالشباب”، مؤكدا على أن المملكة تعتبر أن هذه الدينامية الجديدة الرامية إلى تعزيز مناخ الحوار بين مختلف الثقافات هي ذات أهمية ملحة، كما ما فتئ يتجند للوقاية من التشدد والتطرف العنيف.وشدد على أن “الملك محمد السادس يولي عناية خاصة للنهوض بأوضاع الشباب عبر جعلهم في صلب التنمية، بهدف وضع البلد في مسار الحداثة والتقدم”، لافتا إلى أن المغرب خصص مكانة لائقة للشباب ضمن الأنشطة والأحداث المنظمة في إطار مؤتمر “كوب 22” بمراكش.وذكر بان الأهمية التي يوليها جلالة الملك للشباب، ليس فقط المغاربة منهم بل الأفارقة قاطبة، تجسدت أيضا من خلال الدعوة التي وجهها جلالته للقادة الأفارقة خلال القمة التاسعة والعشرين للاتحاد الإفريقي، المنعقدة بأديس أبابا، لانتهاج سياسة إرادية موجهة نحو الشباب، بهدف جعلهم محركا لبروز القارة، عوض تركهم عرضة للبطالة والهجرة.وخلص إلى أن “المغرب لا يمكنه إلا أن ينضم إلى محفل الأمم الفرنكوفونية وأن يكون عضوا في مجموعة سفراء السلام والتضامن والاحترام والعيش المشترك”، مجددا التأكيد على التزام المملكة إزاء المبادئ والقيم التي تدعو إليها المنظمة الدولية للفرنكوفونية.من جانبها، أشارت الأمينة العامة للمنظمة، ميشيل جان، إلى أن طنجة تشكل المحطة الأولى في هذه المغامرة الإنسانية والبحرية التي تجمع بين المنظمة الدولية للفرنكوفونية والجمعية الفرنسية “إيرميون – لافييت”، بمشاركة 350 بحارا، من بينهم حوالي 100 متطوع ينحدرون من 34 بلدا، والذين قرروا خوض التجربة لكي يعيشوا ويحملوا رسالة حول قيم الأخوة والتضامن والعيش المشترك، والتي يعد العالم في أمس الحاجة إليها.واعتبرت أن “اختيار المغرب كمحطة رسو بالقارة الإفريقية يسعى لإبراز إلى أي حد يعد هذا البحر فضاء للقاء والحوار والتعايش”، مشيدة بانخراط المملكة في هذه المبادرة الفرنكوفونية.من جهته، أشار رئيس جمعية “إيرميون – لافاييت”، أوليفيي باجيزي، أنه بعد عشرة أيام من الإبحار، وصلت “ليرميون” إلى بر الأمان، وصول طالما انتظره طاقم السفينة الشراعية الذي واجه طقسا قاسيا، دفعه إلى البحث عن مرفأ آمن بميناء طنجة حالما سمحت الظروف بذلك، مشيدا بدعم السلطات المينائية المغربية التي وضعت كل الوسائل الضرورية لاستقبال جيد للفرقاطة، 48 ساعة قبل الموعد المحدد.وقال إن “وصول ليرميون إلى ميناء إفريقي كبير يشكل إشارة قوية إلى أن السفينة يتعين أن تمخر عباب كل البحار، نأمل أن يكون بإمكاننا، بعد البحر المتوسط، التوجه إلى المحيط الهندي أو الهادي، لكي تتمكن كل البلدان من رؤية هذه الفرقاطة، وليس فقط البلدان الفرنكوفونية”.وأضاف أنه “على متن السفينة، هناك شباب من 34 بلدا ناطقا بالفرنسة، لكن نرجو أن نتمكن خلال السنوات المقبلة من حمل مزيد من الشباب المغاربة”.بدوره، أبرز سفير فرنسا بالمغرب، جان فرانسوا جيرو، علاقات الصداقة الممتازة بين المغرب وفرنسا، لافتا إلى أن رسو سفينة “ليرميون” بطنجة يندرج ضمن هذه الروابط المتينة. واعتبر أن هذه الرحلة تشكل مناسبة للشباب بالفضاء الفرنكوفوني لاكتشاف مدينة طنجة التي تجسد القيم التي يدافع عنها المغرب، البلد المنفتح على العالم والمتوجه نحو الحداثة والالتزام بالسلام.وتشكل الفترة التي ستقضيها السفينة بطنجة، والتي تمتد إلى غاية 12 مارس الجاري، مناسبة للمنظمة الدولية للفرنكوفونية للاحتفال بسنتين على مرور حركة “أحرار معا”، حيث سيتم اقتراح أنشطة متنوعة لفائدة شباب مدينة طنجة، من بينها مسابقة لمطوري البرامج بتكنوبارك حول المشاريع المتعلقة بتحسيس الناس بمعالجة النفايات، وورشات تكوينية حول المشاركة المواطنة، والتربية على الإعلام، ومعرض وسهرة بعنوان “لنضحك معا”.وتميز هذا الحفل، الذي جرى بحضور عدد من الشخصيات، من بينها على الخصوص والي طنجة – تطوان – الحسيمة، محمد اليعقوبي، ورئيس الجهة، إلياس العماري، وعدد من الشخصيات المغربية والأجنبية، برفع لواء “أحرار معا” على الفرقاطة.وتعتبر مبادرة “أحرار معا”، التي أطلقتها المنظمة الدولية للفرنكوفونية عام 2016، حركة مواطنة لفائدة شباب البلدان الأعضاء تحث على السلام والاحترام باعتبارها حقوقا غير قابلة للتصرف، والتنوع باعتباره ثروة غالية، والتضامن والعيش أحرارا معا كاختيار لا رجعة فيه.