إلى حدود التسعينات من القرن الماضي، كان الفرن التقليدي هو السائد في مناطق شمال المغرب في مجال طهي الخبز، بل كان أحد اللوازم الاساسية لعيش أي أسرة أو مجموعة من الاسر في حي من الاحياء الشعبية.الفرن التقليدي هو فرن يبنى من الطين، يقوم بتشييده بناء بارع يكون قد سبقته شهرته في هذا المجال، ويستعمل في بنائه عجين الطين الاحمر مختلط ببعض التبن، ويبدأ بنائه بتأسيس قاعدة مربعة مرتفعة عن الارض بحوالي 50 سنتيمترا.بعد بناء القاعدة، يشرع البناء في تشييد الجزء المهم من الفرن، وهو الجزء الذي يتخذ شكل قبة، لها فتحة صغيرة في الاعلى حيث يخرج منها الدخان، وفتحة كبيرة عند أمامية القاعدة حيث تستعمل في ادخال الخبز لطهيه في الداخل.يقول محمد أحد البنائين السابقين لهذا الفرن التقليدي في حديث لطنجة 24 بقرية “أمتار” بشمال المغرب ” هذه هي الطريقة التي كنا نبني بها الفرن التقليدي منذ سنين طويلة، لقد ورثنا هذا الامر عن أجدادنا”.يضيف محمد بأسف، أن الفرن التقليدي في السنين الاخيرة بدأ يندثر تدريجيا في القرى، أما في المدن فلم يعد له وجود تماما، وقد تم تعويضه بالفرن الذي يشتغل بالغاز أو بالكهرباء، وأنهى حديثه بالقول ” لا أشك أن بعد سنوات قليلة سيصبح الفرن التقليدي مجرد ذكرى”.في طريقة طهي الخبز في الفرن التقليدي، يتم اشعال الحطب داخل الفرن ويُنتظر حتى تنطفئ النار ويصبح الحطب مجرد فحم أسود، فيتم اخراج الفحم وادخال الخبز إلى الفرن الذي تصبح درجة حرارته كافية لطهي الخبز بشكل جيد.فاطمة إحدى نساء قرية “أمتار” التي لا زالت تمتلك الفرن التقليدي وتسعى الحفاظ عليه، قالت في حديث لطنجة 24 ” رغم أنني أمتلك الفرن الذي يشتغل بالغاز، إلا أنني أفضل الفرن التقليدي، إذ أن الخبز الذي يطهى في هذا الفرن يكون لذيذا وأكثر جودة”.وتضيف فاطمة في حديثها، أن استخدام الفرن التقليدي لا ينحصر في طهي الخبز فقط، بل يستعمل في أيضا في طهي الطواجين وصحون السمك، وبعض الوجبات الاخرى، إضافة إلى تسخين الماء.لكن رغم سعي فاطمة الحفاظ على فرنها التقليدي، إلا أنه لا يمكن تجاهل الحقيقة المرة التي عبر عنها محمد البناء السابق للفرن التقليدي، وهي الحقيقة التي تقول أن هذا الموروث يصارع حاليا للبقاء في تقديم خدمة طهي الخبز، وهي الخدمة التي قد تندثر بعد سنوات مقبلة.