أقيم اليوم الجمعة بمدينة طنجة ، موكب الهدايا الذي اعتاد أهالي المدينة، تنظيمه كتقليد سنوي، بمناسبة "سابع المولد النبوي"، الذي يوافق ذكرى "الولي الصالح سيدي بوعراقية"، حسب الموروث الشعبي لسكان هذه المدينة المغربية. وانطلق الموكب من "ساحة الأمم"، صوب ضريح الولي "سيدي بوعراقية"، لتسليم الهدايا إلى أفراد "الزاوية البقالية" (أحفاد الولي المحتفى به)، وذلك بعد المرور من عدد من شوارع المدينة، وسط حشود من السكان الذين تجمعوا على الأرصفة أو أسطح المنازل. وتضمن الموكب الذي تقدمه فارس على صهوة جواده، مجموعة من المدارس القرآنية العتيقة بجلابيبهم البيضاء وفي أيديهم ألواح تدريس الذكر، والعشرات بلباس تقليدي حاملين الهدايا، ويجرون ثيرانا عليها أعلام القبائل المحيطة بمدينة طنجة، بالإضافة إلى عدد من الفرق الشعبية الفلكلورية. ويعتبر "سيدي بوعراقية"، واسمه محمد الحاج البقال، أحد الأعلام الذين يصنفهم المغاربة في خانة "الأولياء الصالحين"، اعترافا لما قدمه من بطولات وجهاد في مكافحة الاحتلال الأجنبي لمدينة طنجة، في أواسط القرن السابع عشر. وحسب الباحث المتخصص في التاريخ، رشيد العفاقي، فإن أصل كنية "بوعراقية" التي يحملها هذا العلم المرموق عند المغاربة، يعود إلى أنه كان خلال حياته يرتدي عمامة كانت مشهورة عند أهل العراق، فاشتهر بهذه الكنية "بوعراقية" أو "أبو العراقية". وينحدر محمد الحاج البقال، من إحدى قبائل شمالي المغرب، بالقرب من مدينة تطوان، وقد شارك في معركة تحرير طنجة من الاحتلال البريطاني خلال سنة 1684. وقبل وفاته سنة 1717 م، وصى بتحبيس جميع أملاكه للفقراء وللأعمال الخيرية، كما وصى بدفنه في المكان الذي يوجد به ضريحه الآن المعروف بضريح "سيدي بوعراقية"، وعندما توفي أصبح ضريحه هذا مزارا للعديد من ساكنة طنجة للتبرك به باعتباره أحد أولياء الله حسب الاعتقاد الذي ساد بين الساكنة. ومما ساهم أيضا في الرفع من مكانة وشهرة هذا الضريح، قيام السلطان المغربي مولاي الحسن الأول (حكم بين عامي 1873 و1894) بتفقده أثناء زيارته لمدينة طنجة سنة 1889 م، فصار أحد أشهر المزارات في المدينة، كما ابتدع السكان تقليد الاحتفال باليوم السابع للمولد النبوي الشريف بتحميل الهدايا إلى هذا الضريح في موكب بشري يجوب أهم شوارع طنجة. وخلال فترة الانتداب الدولي التي خضعت لها مدينة طنجة في الفترة ما بين 1904 و 1956، منعت سلطات الإدارة الدولية إحياء هذا الموسم في اربعينات القرن الماضي، بعدما صار يشكل مناسبة لتجمع المطالبين بجلاء الحماية عن المغرب، حيث كان رجال المقاومة المغربية ينشطون وسط جموع المحتفلين بالموسم ويرفعون شعارات ضد الحماية الدولية، قبل أن يعاد إحياؤه ابتداء من سنة 2007.