في عصر يتسم بالتقدم المتسارع، يفرض الذكاء الاصطناعي نفسه باعتباره الاتجاه التكنولوجي الرئيسي لمدن المستقبل، حيث يتجسد التنقل الحضري الذكي من خلال التدبير الأمثل لحركة المرور وظهور السيارات ذاتية القيادة. ويلعب الذكاء الاصطناعي دورا متناميا في تدبير مدن الغد، من خلال التأثير بشكل كبير على التنمية الحضرية، ولاسيما عبر أنظمة النقل الذكية، وتحسين تدبير الموارد، وأنظمة المراقبة الذكية وتوقع الاتجاهات الديموغرافية والاقتصادية والبيئية. وبالموازاة مع ذلك، ي ع د ظهور التوائم الرقمية بإعادة تشكيل التخطيط الحضري، عبر توفير رؤية دقيقة ودينامية للبنيات التحتية وعلاقات الترابط فيما بينها، وبالتالي التمكين من اتخاذ قرارات مستنيرة تعتمد على البيانات. وفي حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، حللت الأستاذة بكلية جدة الدولية، والعضو بمعهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات، نادين عكاري، تأثير الذكاء الاصطناعي والتوائم الرقمية بالمدن الذكية بالنسبة للتخطيط والتدبير الحضريين. وأوضحت السيدة عكاري أنه "يمكن لهذه التكنولوجيات أن تحسن جودة الحياة بشكل كبير. وبالإضافة لاستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات من مصادر متعددة، يتم استخدام التوائم الرقمية لتحسين حركة المرور وأنظمة النقل وتدبير موارد الطاقة بكفاءة في المدن الذكية". ووفقا لذات المتحدثة ، فإن الذكاء الاصطناعي التوليدي يغير تماما الطريقة التي تعمل بها المقاولات في مختلف القطاعات، مسلطة الضوء على الدور الأساسي للذكاء الاصطناعي التوليدي في تحليل مجموعات البيانات الكبيرة، واكتشاف الهجمات والإشارة إلى الانتهاكات الأمنية أو المخاطر المالية، وكذا في النمذجة المالية وتحليل البيانات من أجل اتخاذ قرارات أكثر استنارة. وفي ما يتعلق بدينامية اليد العاملة، ولاسيما في مؤسسات الذكاء الاصطناعي عالية الأداء، أشارت إلى الحاجة إلى تحول الكفاءات والتعاون في بيئة موجهة نحو الذكاء الاصطناعي-الإنسان في الوقت ذاته. بالنسبة للمغرب، لا مفر من الذكاء الاصطناعي لأجل المستقبل ويتموقع المغرب في وضع مثالي لاحتضان هذه الاتجاهات العالمية واستغلال إمكانات الذكاء الاصطناعي على نحو كامل. ومن خلال الاستفادة من مبادرات المدن الذكية واستراتيجيات الاستدامة، على غرار تلك التي تطلقها الشركات التكنولوجية العملاقة مثل غوغل، يستطيع المغرب إعادة تشكيل مشهده الحضري. كما أن تكامل التقنيات النظيفة والفعالة، مثل شبكات الطاقة الذكية وأنظمة إدارة حركة المرور، إلى جانب الالتزام بالاستدامة والحكامة الأخلاقية للبيانات، يمكن أن يدفع المملكة إلى عصر يسير فيه الابتكار والاستدامة جنبا إلى جنب. وفي هذا الصدد، أوضحت صفاء مكاتي، الأستاذة الباحثة بالمعهد العالي للهندسة والأعمال، والمتخصصة في تدبير المقاولات والذكاء الاصطناعي، أن اعتماد هذا الأخير لا يعد مجرد اتجاه عالمي عابر، بل هو ضرورة للحفاظ على التنافسية. إلا أن إدراجه ينبغي أن يتم على نحو مدروس، مع أخذ خصوصيات السوق المغربية في الاعتبار. وللتغلب على العقبات، ينبغي، وفقا للسيدة مكاتي، الاعتماد على استثمارات ضخمة في البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى سياسات داعمة للابتكار وتحسين البنيات التحتية التكنولوجية، مشددة على أهمية النهوض بثقافة الابتكار والتعاون بين الجامعات والمقاولات والحكومة لإحداث منظومة ملائمة لاعتماد الذكاء الاصطناعي. كما أعربت عن تفاؤلها بشأن إمكانات الذكاء الاصطناعي بالمغرب، مؤكدة أن هذا الأخير يمكن أن يكون بمثابة حافز للتحول الرقمي في البلاد، مما يمهد الطريق لفرص تجارية جديدة ولتحسين الإنتاجية. ويساهم الذكاء الاصطناعي في جعل المدن أكثر ذكاء واستدامة وأمنا واستجابة للاحتياجات المتغيرة لساكنتها، وبالتالي توجيه مدن الغد نحو مستقبل أكثر ابتكارا ومتانة.