الناشط سفيان البحري في ذمة الله    نسبة البطالة 13,3% في المغرب    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    إسبانيا: بدء محاكمة روبياليس في قضية 'التصرف غير اللائق'    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    حجز كمية كبيرة من الأدوية المهربة بمراكش    المندوبية السامية للتخطيط: إحداث 82 ألف منصب شغل في المغرب سنة 2024    خيرات تدخل السايح إلى المستشفى    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    مستحضرات البلسم الصلبة قد تتسبب في أضرار للصحة    أطباء مختصون يعددون أسباب نزيف الأنف عند المسنين    مزور يشرف على توقيع بروتوكولين لدعم مجال الصناعات المغربية    استئناف محاكمة أفراد شبكة الاتجار الدولي بالمخدرات التي يقودها رئيس جماعة سابق    الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب يعلن عن خوض إضراب عام يوم الأربعاء المقبل    أمطار الخير تنعش الموارد المائية.. سد محمد الخامس بالناظور يستقبل كميات مهمة من المياه    تراجع أسعار الذهب    وفاة سفيان البحري صاحب صفحة تحمل اسم الملك محمد السادس    الاتحاد العربي للثقافة الرياضية يحتفي برئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ويمنحه جائزة الثقافة الرياضية العربية التقديرية لعام 2024    أسامة صحراوي يتألق رفقة ناديه بالدوري الفرنسي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    مؤشر مازي يستهل التداولات بأداء إيجابي    تفشي بوحمرون : خبراء يحذرون من زيادة الحالات ويدعون إلى تعزيز حملات التلقيح    كيوسك الإثنين | التساقطات المطرية تنعش حقينة السدود    تبون يقيل وزير المالية دون تقديم مبررات    الجامعة الوطنية للتعليم "التوجه الديمقراطي" تدعو للمشاركة في الإضراب العام    حماية ‬الأمن ‬القومي ‬المغربي ‬القضية ‬المركزية ‬الأولى ‬    بعد توتر العلاقات بين البلدين.. تبون يدعوا إلى استئناف الحوار مع فرنسا "متى أراد ماكرون ذلك"    "لحاق الصحراوية 2025".. مغربيتان تتصدران منافسات اليوم الأول    بعد "بيغاسوس".. إسرائيل استعملت برنامج "باراغون" للتجسس على صحفيين وناشطين على "واتساب"    تبون: حذرت ماكرون من أنه سيرتكب خطأ فادحا في قضية الصحراء.. ومازلنا في منطق رد الفعل مع المغرب    أوكسفام: 1% من الأغنياء يسيطرون على 63% من الثروات الجديدة منذ جائحة كوفيد-19    جولة في عقل ترامب... وهل له عقل لنتجول فيه؟    الاتحاد الأوروبي يفرض قواعد جديدة لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي    ترامب يؤكد عزمه فرض رسوم جمركية على المنتجات الأوروبية    بوحمرون ‬يتسبب ‬في ‬حالة ‬استنفار..‮ ‬    كأس العالم لكرة اليد: المنتخب الدنماركي يحرز اللقب للمرة الرابعة على التوالي    سيارة مفخخة تخلف قتلى بسوريا    النجمة بيونسيه تفوز للمرة الأولى بلقب ألبوم العام من جوائز غرامي    الصين: عدد الرحلات اليومية بلغ أكثر من 300 مليون خلال اليوم الرابع من عطلة عيد الربيع    نشرة إنذارية…تساقطات ثلجية وأمطار قوية محليا رعدية مرتقبة من الأحد إلى الثلاثاء    صدمة في غابة دونابو بطنجة: قطع الأشجار يثير غضب المواطنين    مداهمة مطعم ومجزرة بطنجة وحجز لحوم فاسدة    نبيلة منيب: مدونة الأسرة تحتاج إلى مراجعة جذرية تحقق العدالة والمساواة -فيديو-    مهرجان قرطاج لفنون العرائس يعود بمشاركة 19 دولة وعروض مبتكرة    المغرب واليمن نحو تعزيز التعاون الثنائي    أكادير تحتفي بالسنة الأمازيغية الجديدة بتكريم مايسترو الرباب لحسن بلمودن    النصيري يمنح الفوز لفنربخشة أمام ريزا سبور    الاتحاد العربي للثقافة الرياضية يمنح فوزي لقجع الجائزة التقديرية ل2024    مفتاح الوقاية من السرطان.. دراسة تؤكد أن الرياضة وحدها لا تكفي دون الحفاظ على وزن صحي!    ابن تطوان "الدكتور رشيد البقالي" ينال إعجاب علماء كبار ويظفر بجائزة عالمية في مجال الفكر والأدب    تحولات "فن الحرب"    القيمة السوقية لدوري روشن السعودي تتخطى المليار يورو    الإرث الفكري ل"فرانتز فانون" حاضر في مهرجان الكتاب الإفريقي بمراكش    تطوان تحتفي بالقيم والإبداع في الدورة 6 لملتقى الأجيال للكبسولة التوعوية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هي ازمة أخلاق إذاً
نشر في طنجة 24 يوم 25 - 11 - 2017

إن حوادث الاعتداءات الشنيعة التي يتعرض لها نساء ورجال التعليم، جعلتني حبيس موضوع العنف بالمؤسسات التعليمية، بعدما عشنا أكثر من أسبوع على هذا الإيقاع، وتناولناه من جوانب شتى، راغبين بذلك في محاولة فهم حقيقة ما أصاب هذا المجتمع الذي لطالما عشنا بين أحضانه في أمن وأمان، وحشمة ووقار، و علاقة أبوية جمعتنا بالعديد من المعلمين والأساتذة، الذين وما إن كبرنا حتى صرنا أصدقاء لهم، يبحثون عنا ونبحث عنهم في مناسبات عديدة، نجالسهم في المقاهي، ونهاتفهم بين الحين والآخر، ولم نحمل ضغينة في قلوبنا تجاه بعضنا البعض، بل نَكِنُّ لهم كل احترام، ونذكر غائبهم بالخير، ونترحم على من فارق منهم الدنيا بقدر كل حرف تعلمناه منهم، في زمن كان فيه مجرد رفع الصوت في وجه المدرس جريمة عسيرٌ عقابها، وكان فيه المعلم المربي الأول قبل الأسرة، بل كانت الأسرة تشتكي شغب أبنائها له. فكم مرة حضرنا عقابا داخل الفصل على أفعال ارتكبها تلاميذ في بيوتهم و اشتكى منها آباؤهم، آنذاك كان المعلم رسولا، و كان القيام له تبجيلا مفروضا.
فما الذي حدث اليوم؟ وما هذه الأخبار التي بتنا نتلقاها في كل حين؟ هل هي أزمة تربية؟ أم أزمة تعليم؟ أم أزمة أخلاق يتقاسمها المجتمع دون استثناء أي فرد؟. والحقيقة أنني بعدما كنت معنيا بهذا الموضوع ذات مرة، غُصت في كثير من الأمور التي تهم علاقة التلاميذ ببعضهم البعض، وبأساتذتهم، وبالمحيط الذي يعيشون فيه، فوقفت عند اختلالات جمة، تكاد تكون السبب وراء تدني القيم الأخلاقية لدى شريحة كبيرة من أفراد هذا المجتمع. والسبب وراء تشويه صورة التلميذ، ذلك النجيب المهذب النشيط...، و كذا صورة المعلم المربي الحنون الذي لطالما تغنينا به و نحن نردد قطعة " معلمي يارائدي يا نائباً عن والدي" وليس كما يُكتب اليوم على الفايسبوك " أحب معلمتي و هي لا تعلم و أخاف أن أصارحها ". هي أزمة أخلاق إذاً، يتقاسمها المجتمع ككل، أسرة ومدرسة وشارع. ولا شك أن لكل طرف مساهمته في تدني هذه القيم التي بتنا نحصد نتائجها الخطيرة يوما بعد يوم. فاهتمام الآباء بالماديات، و تحسبن مستوى العيش، العيش تحت هاجس بناء المستقبل، وكثير من زينة الحياة...، كان وراء انحراف الأبناء عن سكة التربية والأخلاق، وتأثرهم بكل الظواهر القبيحة التي يتلقونها بكل سهولة، وعبر مختلف الوسائل الإعلامية، كالفضائيات و الإنترنيت و ألعاب الفيديو التي تنمي العنف في وجدانهم، في ظل غياب اي اهتمام ولا مراقبة أبوية تقيهم شر الوقوع في المكروه، إلى أن يقع الفأس في الرأس، فتقعد الأسر ملومة محسورة، تذرف الدموع و تتوسل، طالبة الصفح عما ارتكبه ابناؤها من جرائم. و هل يصلح الصفح ما أفسد من أخلاق.
و من الشجاعة الاعتراف أيضاً بأن بعضا من رجال التعليم صار اهتمامهم بنضالاتهم الحقوقية أكبر من اهتمامهم بالواجب الذي يفرض عليهم تكوين مجتمع متحضر متخلق، فتوترت بذلك العلاقة الأبوية التي كانت تربط التلميذ بالمعلم، وتحولت إلى علاقة مصلحاتية فاقدة لكل احترام، ولم يعد بعدها لشعار " كاد المعلم أن يكون رسولا " أي وجود، بل صار المعلم بدوره معرضا للسب والشتم والضرب من قبل بعض التلاميذ المشاغبين. وكان أيضا من نتائج هذا الإخلال بالواجب التربوي أن وصل الانحراف إلى داخل الحرم المدرسي، فتكاثرت بذلك مظاهر الاعتداءات، سواء اعتداءات التلاميذ على الأساتذة، أو اعتداءات التلاميذ على بعظهم البعض.
و الظاهرة الخطيرة التي بات تعيش تحت رحمتها المؤسسات التعليمية هي ظاهرة إدخال التلاميذ للمخدرات والأسلحة البيضاء إلى داخل الأقسام، في غياب تام لأي نوع من المراقبة و الردع، حتى تفاقم الوضع الذي لم يعد يبشر بالخير، وصار حمل السكاكين موضة بين التلاميذ، والانحراف يستقطبهم الواحد تلو الآخر. ويبنبغي أن نقولها وبصراحة، بعد ما كانت لدينا مؤسسات للتربية والتعليم، غاب شق التربية وبقي التعليم بنسبة ضعيفة، يعكسها المستوى العلمي والثقافي الذي يوجد عليه التلاميذ الآن.، ويؤكدها إقدام العديد من رجال التعليم على تدريس أبنائهم بالمدارس الخاصة، بينما يُدَرِّسون أبناء الشعب بالمدارس العمومية !. وليس بغريب أن يكون هذا حصادنا في ظل غياب الأنشطة المدرسية التي كانت تبرز طاقة التلاميذ، و تملأ فراغاتهم، و تحميهم من الإنحراف. لنتساءل اليوم عن غياب المسرح المدرسي ؟ و المسابقات بين المدارس التي نمَّت ثقافتنا العامة ؟ و عن البطولة الرياضية المدرسية ؟، و عن المجلات الحائطية و العروض...؟، و باختصار شديد نتساءل أين هي المدرسة التي عهدناها وتخرج منها من هم الآن مسؤولون عن التربية والتعليم؟
كما لا يمكن تحديد المسؤوليات عما يحدث دون الإشارة بأصابع الاتهام إلى المسؤولين عن تدبير شؤون المواطنين، فمؤسسات تعليمية كثيرة توجد خارج دائرة اهتمام المدبرين للشأن المحلي، حيث لا أمن، لا إنارة، لا طرق، لا علامات التشوير، و لا مخفظات السرعة أمام أبواب المدارس...، إذن عن أي إعادة تأهيل للمدن يتحدثون ؟ و أحياء كثيرة لم تؤهل بعد، إن كانوا يقصدون بذالك إنجاز الموانئت الترفيهية، و إقامة فنادق خمس نجوم، و القطار فائق السرعة، و الطرامواي...، فإني أقول أن هناك شريحة كبيرة من ساكنة المدن لا زالت تعيش في الظلام تحت رحمة مدمني الخمور و الحشيش وحبوب الهلوسة والمخدرات الصلبة. أناس ألِفُوا أحداث الضرب و الجرح و الاغتصاب و الكريساج، هؤلاء من ينتظرون التأهيل قبل إعادة تأهيل غيرهم، لأن فيهم أجيال المستقبل من تلميذات و تلاميذ، يبحرون في الانحراف صباح مساء، و يتأثرون به و يتشبعون. وينتشرون في الأرض وينشرون الأذى، و أي أذى أكبر من عنف المدارس وجرائمها. أقصد هنا المدارس العمومية التي تُخطف منها التلميذات، ويُعَنَّف فيها التلاميذ ويغتصبون، لا المدارس الأجنبية التي يقف على أبوابها أفراد من رجال الأمن.
طرحت هذا وكتبته قبل خمس سنوات، ولكن...!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.