أفادت دراسة حديثة أنجزتها جامعة أكسفورد بأن الدماغ البشري يعتمد على عمليات تعلم واكتساب معرفي مختلفة جذريا وأكثر كفاءة مقارنة بأنظمة وآليات الذكاء الاصطناعي الحالية. وأوضحت الدراسة، التي تحمل عنوان "دراسة النشاط العصبي قبل التشكل كأساس للتعلم بعيدا عن خوارزمية الانتشار العكسي"، أن الدماغ البشري قادر على التعلم من الرؤية الأولى، بينما يحتاج الذكاء الاصطناعي إلى التدريب والتدرب مئات المرات على المعلومة نفسها كي يحصل على نتيجة صحيحة، مضيفة أن قدرة الإنسان على التعلم لا تستوجب قاعدة بيانات مسبقة، على عكس الذكاء الاصطناعي. وأشار المصدر ذاته إلى أن الدماغ البشري يتفوق على الذكاء الاصطناعي بطرق مختلفة؛ فعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي قد يتفوق على البشر في مهام محددة، إلا أنه يتطلب مئات أو آلاف عمليات التدريب للتعلم، على عكس البشر الذين يمكنهم التعلم من تجربة واحدة بغض النظر عن المخزون المعرفي الموجود. واقترح الباحثون طريقة تعلم بديلة تسمى "التكوين المستقبلي"، إذ عوضا عن تعديل الروابط العصبية، يتغير نشاط الخلايا العصبية للتنبؤ بالنتائج بشكل أفضل، ثم ت جرى التعديلات على "الأوزان" والروابط لتتناسب مع النمط الجديد. وقد أظهرت عمليات المحاكاة الحاسوبية أن النماذج التي تستخدم تقنية التكوين المستقبلي يمكن أن تتعلم بكفاءة أكبر من الشبكات العصبية التقليدية للذكاء الاصطناعي، خاصة بالنسبة للمهام ذات الصلة بالكائنات الحية. وعلى الرغم من مزاياه الواضحة، فإن تنفيذ تقنية التكوين المستقبلي على أجهزة الحاسوب الموجودة حاليا، يمثل تحديا بسبب اختلافاتها الأساسية عن الدماغ البيولوجي. وفي هذا الصدد، نبه المؤلف الأول للدراسة، الدكتور يوهانغ سونغ، إلى أنه ينبغي تطوير أنواع جديدة من أجهزة الحاسوب أو الأجهزة المستوحاة من الدماغ لاستخدام هذا النهج بأقل استهلاك ممكن للطاقة. أما الباحث الرئيسي في الدراسة، الدكتور رافال بوجاكز، فقد سلط الضوء على الفجوة المعرفية الحالية بين النماذج النظرية للتكوين المستقبلي وفهم تشريح شبكة الدماغ البشري، لافتا إلى أهمية استهداف الأبحاث المستقبلية لسد هذه الفجوة واستكشاف إمكانات طريقة التعلم الأكثر كفاءة ومنفعة. وتستخدم معظم أنظمة الذكاء الاصطناعي المعاصرة، بما في ذلك تلك التي تحتوي على شبكات عصبية اصطناعية تشبه الدماغ البشري، عملية تسمى الانتشار العكسي (الم رتد)، وهي إحدى طرق تعليم الشبكات العصبونية الاصطناعية بالانتشار العكسي للاتجاه الأصلي لقدوم المعلومات. وتتضمن العملية بذلك ضبط الأوزان والروابط بين الخلايا العصبية عند وقوع أي خطأ، وبالتالي ضبط عملية اتخاذ القرار حتى الحصول على الإجابة الصحيحة.