لم يكن يدور ببال شباب مغاربة أنهم سيستطيعون فك "شفرة" إحدى أكبر عمليات سرقة التحف الفنية العالمية، عندما حاولوا التواصل مع أحد الأشخاص من أجل شراء لوحة فنية تاريخية. هكذا كانت البداية عبارة عن مكالمة بين شباب مغاربة طلبوا الحصول على معلومات حول لوحة فنية معروضة للبيع، لكن النهاية كانت هي تقديم خدمة مهمة للشرطة الدولية والقبض على عصابة سرقت لوحة تقدر قيمتها بحوالي 6 ملايين دولار. واختفت تلك اللوحة من داخل كنيسة مدينة "مودينا" الإيطالية، منذ سنة 2014، وظل يلفها الغموض، إلى أن أعادتها لها السلطات المغربية قبل أيام. تتعلق العملية بواحدة من أغلى التحف الفنية، وهي عبارة عن لوحة زيتية للرسام الإيطالي الشهير جوفاني فرانشيسكو باربييري (غورتشينو)، أنجزها عام 1639. وتحمل اللوحة اسم "السيدة العذراء مع القديسين يوحنا المعمدان وغريغوري صانع المعجزات". فبعد حوالي أربع سنوات على اختفائها من داخل كنيسة (سان فيتشينسو) الإيطالية، تعود اللوحة للسلطات الإيطالية بعد تعاون مغربي قاد نحو الكشف عن سارقيها. ووفق سلطات الأمن، تم الكشف عن خيوط السرقة بعد إيقاف ثلاثة أشخاص مغاربة من جانب الأمن المغربي، إلى جانب شخص آخر تم توقيفه بإيطاليا بالتنسيق مع السلطات هناك وينتظر ترحيله إلى المغرب. لكن شبابا مغاربة أوضحوا كيف كان لهم الفضل في التوصل إلى أولى خيوط السرقة، حيث استطاعوا التواصل مع أحد أفراد العصابة قبل أن يتم إبلاغ السلطات الأمنية والإيقاع بأفراد العصابة الأربعة. فقبل شهور علم هؤلاء الشباب بوجود شخص يعرض للبيع لوحة فنية عالية القيمة، حيث تم التواصل معه للحصول على معطيات اللوحة فأخبرهم أنها تعود للرسام الإيطالي "جوفاني فرانشيسكو باربييري"، وتعد إحدى أغلى التحف الفنية في إيطاليا. قال أحد هؤلاء الشباب لجريدة مغربية محلية (رفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية)، "تصفحنا موقع الإنتربول فتأكد وجود إشعار بسرقة لوحة تاريخية سجلتها السلطات الإيطالية، بمواصفات اللوحة نفسها التي عُثر عليها في قاعدة بيانات الأعمال والتحف الفنية المصرح بسرقتها أو ضياعها على صعيد المنظمة الدولية للشرطة الجنائية". لم يتوقف الأمر عند هذا الحد إذ استطاعوا كسب ثقة أفراد العصابة ومطالبتهم بضرورة معاينة اللوحة، وهو ما تم لهم حيث استطاعوا رؤية اللوحة والتقاط صور لها بإحدى الشقق بمدينة الدارالبيضاء، ثم أبلغوا الشرطة، التي جاءت واعتقلت اللصوص. وجرى تسليم اللوحة بالدارالبيضاء، بحضور السفير الإيطالي في الرباط روبيرطو نطالي، ووفد أمني إيطالي رفيع المستوى، علاوة على كبار المسؤولين الأمنيين بولاية أمن الدارالبيضاء. المسؤول الأمني بالدارالبيضاء؛ حميد بحري، قال إن تسليم اللوحة جاء باعتبار أن المغرب يبذل كل ما في وسعه للوفاء بجميع الالتزامات التي تفرضها منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول). وأضاف بحري، في تصريحات صحفية، أن عملية التسليم،"هي تجسيد للعمل الجدي، الذي تقوم بها المديرية العامة للأمن الوطني بجميع مصالحها، من أجل تحقيق تفاعل مع كل ما هو مسجل في الجدول الخاص بالسرقات ذات القيمة الكبيرة على المستوى الدولي". أما السفير الإيطالي روبيرطو نطالي، فقال إنه، بفضل هذا التعاون، تم فتح صفحة أخرى في ملف التعاون الامني الناجع بين الرباط وروما. وأضاف أن الأمر يتعلق باسترجاع تحفة فنية ذات قيمة حضارية كبيرة جدا. يذكر أن كنيسة سان فيتشينسو، بمودينا، أعلنت في 2014، اختفاء لوحة فنية زيتية من داخل الكنيسة. *وكالة الأناضول