نظمت جمعية "أوال حريات" وجمعية "السيدة الحرة للمواطنة وتكافؤ الفرص"، أمس الجمعة بتطوان، ندوة جهوية حول موضوع "الأسر المغربية والتحولات المجتمعية"، بحضور فعاليات حقوقية ونسائية وجمعوية. ويندرج تنظيم هذه الندوة في إطار تقديم مشروع مذكرة حول "من أجل أسر مغربية، فضاءات للمساواة والإدماج والأمن والتضامن"، ضمن سلسلة لقاءات جهوية حول مناهضة العنف وكل أشكال التمييز، وطرح الآراء والمقترحات على مستوى جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، وفي إطار الحوار المفتوح حول ورش تعديل مدونة الأسرة. في هذا السياق، أبرزت سعاد النجار، مديرة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، عمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان انطلاقا من مهامه الدستورية منذ سنوات على مواكبة كل الإشكاليات العملية التي يثيرها تنزيل مقتضيات مدونة الأسرة في أبعادها الحقوقية. وأكدت النجار في مداخلة لها بعنوان "الإصلاح الشامل لمدونة الأسرة ضرورة ملحة لمناهضة التمييز وتعزيز فعلية الحقوق" أن هذه الإشكاليات حالت دون تحقيق الأهداف المتوخاة منها، وفي مقدمتها تحقيق الأمن والاستقرار الأسري، مذكرة بتنويه الحركة الحقوقية والنسائية سنة 2004 بما جاءت به المدونة "لكن مع الوقت بدا أن تطبيقها وتفعيلها يعرف عدة اختلالات آن الأوان لطرحها". واستعرضت المتحدثة ذاتها معطيات رقمية حول ارتفاع حالات الطلاق والتطليق، وما يترتب عن ذلك من عدة مشاكل قانونية منها تلك المتعلقة بالحضانة، والولاية الشرعية والقانونية، إلى جانب تزايد حالات تزويج القاصرات، وقضايا إثبات البنوة والنسب. من جهتها، سلطت كريمة الطيب الوزاني، أستاذة علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمرتيل، الضوء على تغير شكل الأسرة المغربية بتغير أدوار عناصرها وعلاقاتها بعدما عرفته من دينامية وتغير نسقي. واعتبرت الوزاني في مداخلة لها حول "مدونة الأسرة المغربية ورهانات التغير الاجتماعي، أي آفاق؟ مقاربة سوسيولوجية" أن التحول نحو الأسر الحديثة بما ينطوي عليه من فردانية تم تحت ضغط التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، مما ساهم في تغيير معالم الأسرة ومفهومها ووظائفها، مشددة على ضرورة دعم أدوار الأفراد المشكلين للأسرة، ومواكبتهم للتطورات التي يعرفها العالم الذي بات أكثر انفتاحا في زمن العولمة. ورأت أن "عملية الانفصال عن النظام الأسري التقليدي في المجتمع المغربي لازالت مؤجلة ولم يتم الحسم فيها ولم نصل بعد إلى مرحلة الإقلاع نحو الحداثة بسبب العلاقة المتشابكة بين النظام الأسري من جهة، والواقع والنظام الاجتماعي الذي نعيشه المتسم بالهيمنة الذكورية المتجذرة". من جانبها، أبرزت نزهة الصقلي، رئيسة جمعية "أوال حريات" أن "الهدف من تنظيم مثل هذه اللقاءات هو الاعتراف بالأسرة المغربية في تنوع تركيبتها وأدوارها، وضمان حقوقها وتوفير الشروط لتكون فضاء للإدماج والسلم والأمان والتضامن". وتوقفت الصقلي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء بالمناسبة، عند السياق الإصلاحي الذي تعرفه المملكة خاصة بعد خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بمناسبة عيد العرش لسنة 2022، داعية إلى "تقييم الإصلاحات التي تم القيام بها، والوقوف على الاختلالات التي تواجهها المدونة مما يتطلب إصلاحا جذريا لها من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين". وخلصت إلى أن "مدونة الأسرة يجب أن تساير التطورات والتحولات المجتمعية، وتحقيق ملاءمة القوانين الوطنية مع الدستور والمعاهدات الدولية التي صادق عليها المغرب، في ارتباطها مع القانون الجنائي وما تطرحه بعض مضامينه من إشكاليات أسرية ومجتمعية".