فاطمة المغناوي: مدخل القوانين والتشريعات أساسي باعتباره أداة لتغيير العقليات والتمثلات السائدة عن الزواج والموروث الثقافي 53% من الطفلات المتزوجات لم يستفدن من خدمات الصحة حسب دراسة للنيابة العامة بعد 18 سنة من صدورها في ولادة عسيرة، لم تنجح مدونة الأسرة رغم بعض نصوصها المتقدمة في تحقيق المساواة في الحقوق بين الجنسين، وتحصين المجتمع من ظواهر تعمق الفقر والمرض النفسي والجسدي، والعنف بكل أنواعه، والهدر المدرسي، وتفكك الأسر، وغيرها من ظواهر معيبة ومقلقة تجر المغرب سنوات إلى الوراء. وجاء خطاب جلالة الملك في عيد العرش ليعلن عن فتح ورش تعديل مدونة الأسرة، انصافا للأسرة المغربية وتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة كما ينص على ذلك الدستور المغربي، خاصة الفصل 19، وفي إطار هذا الورش المجتمعي صدرت مجموعة من التقارير التي تحمل مقترحات وتوصيات، وتحدد الثغرات في مدونة الأسرة الصادرة في 2004 التي يجب تعديلها، ومن هذه التقارير هناك تقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان ، الذي رحب بمراجعة مدونة الاسرة ودعا لحذف كل النصوص التمييزية ، ومراجعة نظام المواريث ، وكذا حذف المقتضيات التي تسمح بتزويج البنات القاصرات. وهنا لابد من الإشارة للتدخل القوي والايجابي للنيابة العامة الذي أرجع 20 ألف فتاة قاصر إلى مقاعد الدراسة، وذلك في إطار اتفاق مع وزارة التربية الوطنية، وكذا رفض المحاكم آلاف طلبات الزواج تخص قاصرات، وكان هذا بمثابة دق ناقوس خطر لما يمثله زواج القاصرات من تهديد حقيقي لاستقرار الأسرة المغربية وتطورها في الاتجاه الايجابي.. ومن مؤسسات المجتمع المدني هناك التنسيق الجمعوي الذي يحمل إسم « التنسيقية النسائية من أجل التغيير الشامل و العميق لمدونة الأسرة » والذي جاء كمبادرة للجمعيات النسائية المناضلة من أجل تغيير القوانين التمييزية، والتي تعمل من أجل وضع خطة عمل مشتركة، ورسم خارطة الطريق للترافع وتقديم مقترحاتها بخصوص قانون أسري يستجيب للواقع اليومي للنساء وللتطورات التي عرفها المغرب على المستوى التشريعي و الاقتصادي و الثقافي ، و للتحولات الاجتماعية خلال قرابة عقدين من تفعيل مدونة الأسرة. وفي بلاغ لها أشارت التنسيقية الى أن الجمعيات النسائية والحقوقية وحلفاءها رافقت تطبيق مدونة الأسرة خلال 18 سنة الماضية وقدمت بصددها ملاحظاتها وعناصر مساءلتها، كما أطلقت في السنوات الأخيرة حملة من أجل التغيير الشامل والعميق للمدونة قصد ملاءمتها مع دستور 2011 ومع التزامات المغرب الدولية، وتتكون التنسيقية النسائية من أجل التغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة من اتحاد العمل النسائي، و الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، والجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء ، و فدرالية رابطة حقوق النساء وجمعية جسور ملتقى النساء المغربيات، و الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء ، و جمعية صوت المرأة الأمازيغية. ومن آثار عدم تطبيق القانون ببلادنا، ارتفاع مستوى العنف ضد النساء والفتيات وعلى رأسه العنف القانوني والاقتصادي، وكذا الفقر وصعوبة الولوج إلى العدالة، وهذا ما تضمنه التقرير الوطني لشبكة مراكز النجدة حول حالات العنف ضد النساء ، الصادر في اطار الأيام الدولية والوطنية المناهضة العنف ضد النساء والفتيات، ولتسليط الضوء على بعض الظواهر المقلقة التي تهم النساء المغربيات، أجرينا حوارا مع الأستاذة فاطمة المغناوي رئيسة مركز النجدة بالرباط التابع لاتحاد العمل النسائي، التي تحدثت بأسف شديد وبألم عن واقع النساء المغربيات خاصة ما يتعلق بزواج القاصرات، مطالبة بإشاعة ثقافة المساواة داخل المجتمع و إذكاء الوعي الجماعي بخطورة ظاهرة تزويج الطفلات، وبالأضرار المترتبة عليها وانعكاساتها الوخيمة على الصحة والسلامة البدنية والنفسية للقاصر وعلى تكلفتها الاجتماعية والاقتصادية، مؤكدة أن الأمر يقتضي وبإلحاح معالجة الأسباب والمسببات باعتماد مقاربة شمولية عبر مداخل متعددة..اضافة الى تناولها ضمن الحوار جوانب من الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية التي تعانيها الأسرة المغربية والتي تستدعي تعديل المدونة وملاءمتها مع ما جاء في الدستور والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب لنتابع: