لرمضان بشبه الجزيرة الايبيرية نكهة خاصة، لاسيما الإفطارات الجماعية التي تقام هنا وهناك خلال هذا الشهر الفضيل، مجسدة بذلك، مرة أخرى، سخاء الجالية المغربية بالمهجر، وحفاظها على تقاليدها وعاداتها عريقة. وتلعب الجمعيات والمنظمات الإسلامية دورا مهما في هذا السياق، ومنها المركز الثقافي الإسلامي السنة بمدينة فوينلابرادافدا جنوبمدريد، الذي ينظم طيلة أيام شهر رمضان الأبرك، موائد إفطار جماعية تضم بمختلف تلاوين الطعام الخاصة بهذا الشهر الكريم، وتحمل نوعا من الحميمية والعودة للجذور لروادها. وبالأمس كان رواد المركز على موعد مع إفطار جماعي، تقاسمه معهم القنصل العام للمغرب في مدريد، أمين الشودري، الذي أشار إلى مشاركة القنصلية إلى جانب الجمعيات والفعاليات الجمعوية في هذه الإفطارات الجماعية، التي تشكل مناسبة للتطرق لمشاكل الجالية المغربية بهذا البلد الايبيري. وتابع، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه التظاهرات تشكل، أيضا، مناسبة لمناقشة تدبير الشأن الديني وتدريس اللغة العربية والثقافة المغربية، والتأكيد على تربية وتكوين الأطفال المغاربة، وتحصينهم، وحثهم على التحلي بقيم التسامح والتعايش والاستقرار. وأكد السيد الشودري، في هذا السياق، على التشبث بالمذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف السني، التي ساهمت في خلق انسجام مذهبي وعقائدي بالمغرب، مستحضرا خطاب سنة 2004 الذي أكد فيه أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، على "إيلاء الشأن الديني الأهمية الفائقة". من جهته قال محمد خرشيش، الكاتب العام للمركز الثقافي الاسلامي السنة في فوينلابرادا، إن المركز يقوم منذ سنوات بتنظيم مشروع إفطار الصائم، الذي ليس وقفا على الفقراء والمحتاجين، علما أن الغالبية التي تستفيد من هذه العملية هم من المحتاجين، لكنه مع ذلك هو إفطار مفتوح أمام كل الصائمين. وتابع، في تصريح مماثل، أن الجمعية انطلقت في البداية بعدد قليل ووصلت اليوم إلى إفطار 150 صائم يوميا، وفي نهاية الأسبوع يرتفع العدد إلى نحو 200 مستفيد، مشيرا إلى أن هذه الإفطارات تتم بدعم من المتبرعين، فيما تساهم الجمعية بالفضاء الذي يحتضنها. وأضاف السيد خرشيش أن الجالية المغربية عودتنا على سخائها بتضامن وتكاثف جهودها لتمر مناسبة شهر رمضان في أحسن الظروف سواء تعلق الأمر بإفطارات رمضان أو إقامة صلاة التراويح أو دروس الوعظ والإرشاد بالمركز، الذي يستفيد من بعثة مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج. وتبدو جليا مساهمة الجمعيات والمراكز الإسلامية في تنشيط أمسيات المسلمين خلال هذا الشهر الفضيل، من خلال هذه الموائد الرمضانية الجماعية، وأداء الشعائر الدينية والدروس والمحاضرات التي يلقيها أئمة ووعاظ بينهم مغاربة أوفدتهم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لتأطير الجالية المسلمة في الحقل الديني. ويقى شهر رمضان بشبه الجزيرة الايبيرية، حيث الآثار الإسلامية لا زالت شامخة، وإن تميز هذه السنة بحرارة مفرطة في عدد من المناطق، يبقى بكل المقاييس لحظة دينية وإنسانية، ومناسبة لصلة الرحم، وتقاسم هواجس المعيش اليومي في هذا البلد.