شهدت مدينة طنجة مع بداية القرن العشرين، زيارة تاريخية هي الاولى من نوعها لشخصية دولية كبيرة، يتعلق الامر بالإمبراطور الألماني غيوم الثاني، الذي قرر النزول بميناء طنجة وزيارة المدينة أثناء عبوره بمضيق جبل طارق على متن إحدى السفن الألمانية. ونزل الامبراطور الالماني بالميناء صباح يوم الجمعة 31 مارس 1905، وكان في استقباله وفد مغربي رسمي يرأسه عبد المالك بن عبد الرحمن، عم السلطان المغربي مولاي عبد العزيز، ثم توجه إلى دار ألمانيا بالسوق البراني حيث ظل هناك ما يقرب من الساعتين قبل أن يعود إلى سفينته منهيا زيارته. وقد لقي الامبراطور استقبالا حاشدا من سكان طنجة، الذين تجمهروا على جانب الطرقات وفوق سطوح المحلات التجارية والمنازل، وهم يشاهدون موكب الامبراطور الالماني صاعدا من الميناء متوجها عبر السوق الداخل وعقبة الصياغين وصولا إلى دار المانيا (المندوبية) بالسوق البراني. وتعد صورة هذا الموضوع، التي التقطها المصور الصحافي "شارل شوسو فلافيين" (Charles Chusseau Flaviens) لفائدة جريدة (L'illustration) واحدة من الصور التاريخية التي تؤرخ لزيارة الأمبراطور الالماني لمدينة طنجة، والتي تناقلتها عدد من الصحف الدولية الاخرى. وتُظهر الصورة، الامبراطور الألماني والوفد المرافق له يمتطون الأحصنة ويحيط بهم الحراس المغاربة وهم يعبرون جميعا ساحة السوق الداخل متوجهين نحو عقبة الصياغيين، بينما حشود غفيرة تجمهرت على جنبات الطريق وفوق المباني تشاهد مرور الموكب الامبراطوري. كما تظهر الصورة الزينة التي اعتلت بعض المباني بالاعلام الألمانية والمغربية، بالاضافة إلى ظهور اعداد كبيرة من الأجانب على سطوح المباني ضمن الجماهير المشاهدة للموكب الامبراطوري، في دليل واضح على دخول طنجة مرحلة التطبيع مع الوجود الاجنبي ودخول المغرب في اهتمامات الدول الغربية. ورغم أن الامبراطور الالماني أعلن في طنجة بأنه يقوم بزيارة لبلد مستقل ويتمنى بقاءه كذلك، إلا أن الهدف الحقيقي للزيارة كان هو ارسال رسالة مبطنة للدول الاوروبية الطامعة في استعمار المغرب، وعلى رأسها فرنسا، بأن ألمانيا لن تسمح لهذه الدول بالاستفراد بالمغرب دون أن تستفيد هي أيضا. وعلى العموم فإن حدث هذه الزيارة يبقى من الاحداث الهامة في تاريخ المدينة، وهذه الصورة تبقى من الصور المؤرخة لهذا الحدث التاريخي، وتوجد نسختها الاصلية في متحف (George Eastman House) في نيويورك، وهو المتحف الذي يضم 11 ألف صورة التقطها المصور الصحافي الفرنسي شوسو فلافيين في فترة نشاطه ما بين 1890 و 1910.