هناك مفارقة غريبة يجب الانتباه إليها في طنجة، وهي أن هناك اليوم أشخاصا لهم أبناء كبار، أو حتى أحفاد، لو تزوجوا مبكرا، وهؤلاء يجدون أن المرشحين الذين يتقدمون حاليا للانتخابات، هم أنفسهم الذين رأوا صورهم في الملصقات الانتخابية عندما كانوا أطفالا. من المخجل أن يعيش الإنسان طفولته وشبابه وكهولته ويجد في كل انتخابات أن نفس الأشخاص الذين ترشحوا في طفولته هم أنفسهم الذين لا يزالون يترشحون إلى اليوم... وفوق ذلك "ينجحون" باستمرار، والجميع يعرف كيف ينجحون. المفارقة الأخرى هي أن طنجة تحطم كل الأرقام القياسية في الفساد في مختلف المجالات، في العقار وفي الإدارة وفي المجالس الجماعية وفي مجال التهرب الضريبي وتبييض الأموال. مدينة مثل هاته من الطبيعي أن يصاب سكانها بالإحباط، وحين نجد أن سكان طنجة يحطمون الأرقام القياسية في العزوف عن التصويت، فيجب ألا نلوم أحدا غير الفاسدين. فلا أحد يشجع على مقاطعة الانتخابات أكثر من أخطبوط الفساد.
هناك مفارقة تشبه الفضيحة، وهي أنه لا وجود لمبادئ حزبية على الإطلاق، والأحزاب تشبه الضباع التي تتسابق على لحم الجيفة، وتحاول الظفر بأباطرة الفساد لكي تقدمهم للانتخابات وتنال بهم مقعدا إضافيا.
المسألة الأخرى هي أن طنجة كانت مدينة دولية، ولعبت دورا كبيرا في مجال التواصل الثقافي والإعلامي والحضاري بين مختلف القارات، وعرفت ظهور صحف وازنة وقوية بمختلف اللغات منذ القرن التاسع عشر، وسكانها اشتهروا بإتقانهم اللغات الأجنبية، ورغم ذلك فإن عمدة المدينة الحالي لا يتكلم أية لغة أجنبية. أليس من حق الطنجاويين أن يمسكوا برؤوسهم فزعا عند كل موعد انتخابي؟