في الاونة الأخيرة وقبيل اصدار قرار الادانة في حق الوطن من طرف البرلمان الاوروبي الذي يوظف كافة الوسائل لحماية مصالحه وبقدرة قادر يتمكن من تغليف مساعيه نحو فرض مصالحه بغلاف السعي نحو الحريات والديموقراطية وصون الحقوق ، تواجد جوزيف بوريل الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالرباط حيث جمع بينه وبين رئيس الحكومة عزيز اخنوش لقاء لتباحث أخر المستجدات المرتبطة اساسا بعلاقة المغرب والاتحاد الاوروبي خصوصا وان الاخير كان قد أبان عن نيتة المبيتة لأجل التحرش بصورة المغرب وابتزازه عن طريق ما سمي بفضيحة ارشاء برلمانيين اوروبيين لاجل الضغط على البرلمان الاوروبي ليخدم مصالح المغرب والدفاع عن تصوراته ، القضية التي تم تسليط الضوء عليها قبيل اللقاء الذي جمع بين المنتخب المغربي ونضيره الفرنسي . بعد زيارة جوزيف وما إن اقلعت الطائرة التي تقل الممثل الأعلى للسياسية الخارجية للاتحاد الاوروبي مغادرا المملكة المغربية بعدما عقد لقاءا مع رئيس الحكومة المغربية ووزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ، حتى تعالت اصوات بالإتحاد الاوروبي تعيب على جوزيف زيارته للمغرب وهو الذي تحوم حوله الكثير من المعطيات التي تدينه اوروبيا على حد قولهم ، مباشرة بعدها خرج نائب جوزيف بوريل مصرحا لوسائل الاعلام قائلا بالحرف " لحدود اللحظة لا نتوفر على اي دليل يدين المغرب من وجهة نظر قضائية " وهنا كانت الرسالة المشفرة الموجهة صوب المغرب ، لعله يعيد النظر في طبيعة تعامله مع الاتحاد الاوروبي رافعين اشارة مفادها قريبا سيتم البث في قضيتكم بالبرلمان الاوروبي فإما الخضوع وبالتالي تبرئتكم واما التعنت وبالتالي ادانتكم . جوزيف بوريل نفسه من يكون ؟ لنتأمل قليلا في تصريحاته مؤخرا ، جوزيف كان من اشد المعارضين للمغرب ومصالحه ، امسى الامر بَيِّناً واضحا عندما دعمت اسبانيا المقترح المغربي مما دفعه للتصريح ابان شهر غشت بالسنة الفارطة بالحرف " نريد استفتاءا في الصحراء " جوزيف هذا عينه هو من كان في ضيافة اخنوش يوم 5 يناير الجاري 2023 اي قبل اسبوعين من ادانة المغرب من طرف البرلمان الاوروبي . هنا يطرح سؤال وجيه ما الذي كان يفعله جوزيف ها هنا بالوطن ؟ ما مساعيه التي لم تتحقق ؟ ما الامر الذي جاء من اجله ورده المغرب خائبا ؟ حتى يخرج مدافعا عن براءة المغرب بعد مغادرته له وبعدها تتم ادانة المغرب من طرف البرلمان الاوروبي .. اما باتت الرسالة واضحة وشاخصة لكل متأمل لطبيعة تتابع الاحداث ، اما كانت رسالته للمغرب مفادها " انتبه نحن من ندينك ونحن من يبرئ ذمتك " . قبل الادانة ما الذي حدث بالجارة " الشرقية " ، تصريحات عدائية مباشرة وهجمات غير مسبوقة واستغلال منافسة رياضية لمهاجمة الوحدة الترابية للملكة المغربية ، وبعد ادانة المغرب من طرف البرلمان الاوروبي كان لمتتبعي الاحداث موعد مع تصعيد أت من الشرق ايضا " تصريح تبون " الذي اكد فيه الدفاع عن البوليساريو وتمسكه بدعم المليشيات الى النهاية ، مباشرة يُستدعى شنقريحة رئيس اركان الجيش الجزائري من طرف فرنسا ، ويطل الاعلام الجزائري على متتبعيه بخبر مفاده ، شنقريحة ذاهب الى فرنسا لاجل الاعداد لزيارة الرئيس تبون لفرنسا شهر ماي المقبل ، رئيس اركان الجيش يحضر لمجيئ رئيس دولة الى فرنسا ، ما دور وزير الخارجية الجزائري ومتى كان رئيس اركان الجيش هو من يقوم بمثل هكذا ترتيبات !! ، نحن اذن امام اشارة اخرى تبعثها فرنسا للمغرب ، فرنسا التي تملك دفة القيادة بالاتحاد الاوروبي . سؤال اخر ، الفتور الذي شهدته العلاقات المغربية الفرنسية متى بدأ ؟ بدأ الأمر قبل سنيتين ، اليس من عجائب الصدف ان يصادف الفتور هذا موعد اقدام الجزائر على التصعيد ودفع مليشيات البوليساريو الى محاولة خرق قرار وقف اطلاق النار !؟ . نحن اذن امام تقاطع مصالح جمة لاطراف متعددة دفعتهم لاستهداف المغرب بالضرورة حتى لا يتم تقويض مصالحهم من طرف المملكة الساعية الى القطع مع سياسة التبعية ،رافعة لشعار مغرب اليوم ليس كمغرب الأمس ، مؤشر أخر هنا يفيد تقاطع مصالح الاتحاد والجزائرفرنسا صاحبة الصوت الاعلى بالاتحاد في حاجة الى الغاز والغاز متوفر عند الجارة الشرقية التي بمجرد ان يستهدف المغرب اي كان يمسي حليفا لها وتغدقه بالهبات والعطايا ، الامر الذي أشار إليه أحد برلماني الإتحاد الاوروبي تجاه قرار إدانة المغرب مستنكرا مثل هكذا قرارات . وبالمقابل كان المغرب قبل عامين قد قرر الانفتاح على شركاء جدد وكان اليوم المشهود عندما تحالف المغرب مع امريكا وبريطانيا المنسحبة من الاتحاد واعادة استئناف العلاقات المغربية الاسرائلية ، فيما يدرك الجميع ان مثل هكذا تحالفات لن تكون سوى على حساب مصالح الاتحاد الاوروبي اقتصاديا وجيوسياسيا ، وهو القطب الذي يمضي نحو التقهقر حسب المؤشرات الاقتصادية التي يتم استقراؤها من طبيعة انعكاسات الصراع القائم بين اوكرانيا وروسيا ، والقراءات السياسية في خارطة القوى العالمية تنذر بتحولات غير مسبوقة في موازين القوى الدولية . اذن ما الغريب في ما يحدث ، ادانة المغرب من طرف البرلمان الاوروبي هو تحصيل حاصل لقرار اتخذه المغرب مفاده لنا سيادتنا ولنا قضيتنا ، وعلاقتنا مع الجميع تنطلق من " حدد موقفك من صحرائنا ، والتزم حدود الاحترام فيما يخص سيادتنا " ، فلا عجب اذن ، ان اتضح السبب . في ظل واقع كهذا ، وجب العمل على كافة الاصعدة لاجل تحصين المكتسبات التي حققها الوطن نتيجة حسن تدبير المرحلة الفارطة وتثمين المنجزات على كافة المستويات تنمويا حقوقيا اجتماعيا واقتصاديا لأجل انجاح المحطة القائمة ، مع ضرورة إفساح المجال لكافة الفاعلين مؤسسات حكومية وغير حكومية ، وفاعلين مدنين ورواد الديبلوماسية الموازية الثقافية منها والإعلامية لأجل تحصين البيت الداخلي وحماية مصالح المملكة داخليا وخارجيا وبالتالي دعم مسار الاستقلالية المغربية فيما يخص قراراته السيادية وحفظ وحدته الترابية .