على مقربة من قدم جبل "تيسوكا" تنبثق حياة جديدة تروي قصص تواجد بشري وحيواني في منطقة تسمى ب"راس الما" والتي تعد المدخل الأساسي لعشاق السياحة الجبلية والطبيعية وملاذا للراغبين في اكتشاف تنوع طبيعي وايكولوجي في منطقة تستقبلك الحيوانات قبل البشر بالترحاب. لا تسمع بمنتزه "راس الما" غير خرير الماء العذب المنبثق من الجبال، وزقزقة العصافير وبعض السياح الأجانب يتلفظون بكلمات أثناء إلتقاطهم للصور الشخصية مع الطبيعة الخلابة، أو أصوات النساء القرويات بكناتهن "الجبلية" يعرضن على السياح التصوير باللباس التقليدي المحلي مقابل دريهمات معدودة. ويروي نوفل الحضري، الشاب الثلاثيني من العمر، روايات أهل المنطقة حول أصل الماء المنبثق من عين "راس الما" فالبعض يرجح بكونها مياه جوفية وباطنية للجبال تبقى طول السنة دون أن تتوقف. عيون جارية فيما يذهب آخرون إلى فرضية ذوبان الجليد واستجماع الماء المتحصل عليه من الأمطار بعدد من الأودية الفرعية والجبال المحيطة بالعين، لكن الدراسات والتحاليل التي أجريت أكدت أنها ذات طبيعة بيكاربوناتية وكلسية تحتوي على مواد معدنية بنسبة متوسطة مما يتيح تصنيفها ضمن المياه الصلبة. ولعل تموقع شفشاون على سفح جبل تسملال على الضفة اليمنى لنهر شفشاون النابع من هذا الجبل، تحيط به جبال عالية من ناحية الشرق والشمال: جبل ماكو، تسملال، بوحاجة، القلعة، وغيرها ما يجعل المنطقة من المناطق الجذابة للسياح المولعين بالمناظر الجبلية والغابوية، بل وكان الماء أساسا سببا في تأسيس مدينة شفشاون. وتغطي الغابة والأحراش والنباتات الطبيعية معظم أجزاء منطقة راس الما وتتسم هذه المنطقة بصفة عامة بكثرة الصخور وبالمظهر الغابوي الجميل والجبلي الصعب، حيث تعتبر صخورها من النوع الجيري مع فقر في التربة، إلا أن المنطقة تتعرض لأمطار غزيرة، ولذلك توجد بها أشجار عالية، خاصة في المرتفعات والقمم، والمعدل العام للأمطار بهذه الجهات لا يقل عن 700ملم في السنة ويتجاوز ملم800 في كثير من السنين. كما تغطي الثلوج في فصل الشتاء القمم والمرتفعات والسفوح العالية، وتغطي في بعض السنين سقوف منازل مدينة شفشاون والقرى المجاورة لها، وبفضل تهاطل الأمطار الغزيرة واحتفاظ القمم بالثلوج، تشكلت بالمنطقة عدة أنهار، ومسيلات، وخنادق، إلا أن معظم أنهار هذه المنطقة موسمية، وهي أنهار قصيرة شديدة الانحدار ومنها ما هو دائم الجريان. تنبع عين رأس الماء لتزود بالماء الشروب حاجيات الساكنة المحلية البالغة نحو 50 ألف نسمة، وتروي ما يقدر بحوالي 600 هكتار من الأراضي الفلاحية، لكن مميزات المنطقة الحيوانية تثير شغف الباحثين والزوار، حيث تضم المنطقة ما يفوق 37 نوعا من الثدييات من بينها القردة التي تعيش هنا في مجموعات كبيرة، لا ينغص هدوءها سوى بعض الطيور الكاسرة كالبلح و العقاب الحرة. كما يتواجد بالمنتزه ما يفوق 239 صنفا من النباتات المحلية كأرز الأطلس، و الصنوبر الأسود، إلا أن المنتزه ينفرد باحتوائه على نوع ناذر من الأشجار لا يتواجد إلا بهذه المنطقة، إنها شجرة الشوح المغربي. نحو حلة جديدة وتتطلع مدينة شفشاون إلى تهيئة منطقتها السياحية الشهيرة "راس الماء"، وهو المشروع الذي تقدر تكلفته ب 42 مليون درهم، يساهم فيها عدد من الشركاء المؤسساتيين. ويشكل مشروع تهيئة موقع "راس الما"، محور اتفاقية شراكة متعددة الأطراف ، وسيتم بموجبها بناء قنطرة تربط المنطقة السياحية رأس الماء والمدينة القديمة لشفشاون وساحة وطاء الحمام، وبناء مرآب للسيارات متعدد الطوابق وملعب رياضي وفضاءات خدماتية. وتلتزم الأطراف المتعاقدة بشأن المشروع، الذي من المتوقع أن ينجز العام القادم، برصد المبالغ الملتزم بها وتحويلها على دفعات، ويهم الأمر مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة ( 40.5 مليون درهم)، ومجلس إقليمشفشاون (مليون درهم )، وجماعة شفشاون (500 ألف درهم).