أحد أغنى المنتزهات البرية في المغرب يكشف منتزه تلاسمطان الوطني في شمال المغرب عن موقع إيكولوجي متميز، على مستوى المنطقة المتوسطية. وهو يمتد على مساحة 58 ألف هكتار، 73 في المئة منها غابات. أما تضاريسه فأهمها سلسلة جبال الريف بمناظرها الخلابة. يعد هذا المنتزه أحد أغنى الملاذات البرية في المغرب من حيث التنوع الأحيائي. فهو يضم تشكيلات لشجر الأرز تشغل مساحة 3000 هكتار. وتمتد بين الجبال الصخرية غابات شاسعة من أشجار الشوح (التنوب) والصنوبر الأسود، إلى جانب 1380 نوعاً نباتياً. ويأوي المنتزه أكثر من 40 نوعاً من الثدييات التي تستوطن الكهوف المنحوتة داخل الجبال، ومنها القرد المعروف ب»زعطوط». وفيها أكثر من مئة نوع من الطيور، بينها كواسر نادرة مثل عقاب حرة والنسر الملكي، فضلا على نحو 30 نوعاً من الزواحف والضفادع. أُحدث المنتزه عام 2004 في قلب جبال الريف التي تتميز بتضاريسها الوعرة والأودية العميقة. وهو يضم جداول نحتتها سيول طوفانية ومضايق وأجرافاً شاهقة وكهوفاً عديدة. أشهر القمم الجبلية في المنتزه جبل لقرع «2159 مترا» وجبل تيسوكا «2122 مترا». وتغطي القمم تساقطات ثلجية تستمر أكثر من أربعة أشهر في السنة، وهي تتلقى نحو 2000 مليمتر من الأمطار سنويا. يوفر منتزه تلاسمطان الوطني بموارده الثقافية ومؤهلاته الطبيعية إمكانات سياحية مهمة على المستوى الوطني والمتوسطي. وهو وجهة مفضلة لدى هواة المسافات الطويلة مشياً أو على صهوات الخيول، حيث يتملى الزائر بروعة المشهد الطبيعي وبسحر الجمال الجبلي العذري. ويضم المنتزه ست جماعات قروية توفر رافداً للسياحة البيئية عبر شبكة من دور الضيافة القروية يتولى أبناء المنطقة تسييرها. وقد أنشئ فيه متحف إيكولوجي يمثل مجالاً للتوعية وتثمين الثروة البيئية والأحيائية في المنتزه، وفيه «أروقة» مخصصة للثدييات والطيور والزواحف والحشرات وغيرها، كما يضم مجسماً للنظام البيئي للغابة تجسده جبال مصغّرة مغطاة بالأشجار وجداول وبحيرات. يشكل منتزه تلاسمطان جزءاً من «محمية المحيط الحيوي للربط القاري المتوسطي بين المغرب وإسبانيا» التي تم إنشاؤها في سياق برنامج اليونسكو للإنسان والمحيط الحيوي، وفق «اتفاقية نوايا» وقعت عام 2003 بين المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر في المغرب ووزارة البيئة في الأندلس. وذلك لاقتران الموارد الثقافية بالمؤهلات الطبيعية بين الضفتين، حيث ساهم التاريخ الجيولوجي المشترك في قيام موائل بيئية مشتركة تتميز بتشابه على مستوى الصخور والتضاريس والأتربة والمناخ والأنواع النباتية والحيوانية. تتمثل خصائص هذه المحمية في تنوعها الجيولوجي والبيولوجي وفي مرجعيتها التاريخية والثقافية المتميزة. وقد أضحت فضاء للتبادل الثقافي والاجتماعي والطبيعي. وهي محمية فريدة من نوعها دولياً لكونها تجمع بين قارتين، وقد أنشئت بطريقة تشاركية لتقوية العلاقات الاقتصادية والثقافية وتمتين حسن الجوار بين المغرب وإسبانيا. وتستهدف المحمية تطوير نموذج للتنمية المستدامة عبر الحماية والاستعمال الرشيد للموادر الطبيعية من قبل السكان والشركاء المحليين، وحماية التنوع البيولوجي والثقافي باعتماد البحث العلمي وأدوات التتبع والتقييم والتدريب. ويناهز مجالها مليون هكتار، يشمل في الأندلس جزءاً من إقليمي مالقا وقادس، وفي المغرب عدداً من الأقاليم الشمالية هي تطوان وشفشاون وطنجة والعرائش. ويضم الشطر المغربي 18 محمية، بينها منتزه تلاسمطان وجبل بوهاشم وجبل كريش، وعشرة مواقع ساحلية بينها جبل موسى وكدية الطيفور وغمارة حلية الجبهة وبحيرة سمير. ويشكل هذا المجال المتميز بالطابع الجبلي قوساً مفتوحاً على البحر المتوسط.