على مدار أكثر من عقدين ظل المغرب وجهة المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء، الذين فروا من بلادهم هربا من الفقر والنزاعات، للعبور نحو الحلم الأوروبي ولكن بعد تشديد إجراءات الهجرة لأوروبا أصبح المغرب بلدا لإقامة هؤلاء المهاجرين إما عن اختيار أو اضطرار. ويواجه المهاجرون عددا من العقبات بعد بقائهم في المغرب ومن أبرزها عائق اللغة. أصوات الكثبان تحدثت مع عدد من المهاجرين غير الشرعيين مثل ديمبا الذي وصل إلى المغرب بعد "رحلة شاقة و مليئة بالمخاطر"، حيث يقول " لم أذق طعم الأكل لمدة يومين كنت مضطرا للاختباء بالغابة هربا من السلطات، وفي اليوم الثالث لحسن الحظ إحدى العائلات المغربية أطعمتني مشكورة". وأضاف ديمبا "لم أستطع العبور لأوروبا كما خططت فقررت العمل والاستقرار بالمغرب، لكن أهم عائق كان اللغة، لدي خبرة في العمل بالمطاعم لكن عدم إجادتي للعربية وعدم امتلاكي أوراق إقامة جعل الحصول على عمل مستقر شبه مستحيل". هناك أيضا بعض المواقف التي تعرض لها ديمبا تشير إلى عوائق أخرى قد تواجه المهاجرين مثل العنصرية، فيقول "إضافة الى اللغة هناك فئة تتعامل بعنصرية مثل السخرية. لقد عايشت موقفا كان جديدا وغريبا بالنسبة لي عندما رفض أحدهم الجلوس بجانبي في الحافلة فقط لأنني مختلف عنه". ولتسهيل عملية إدماج المهاجرين داخل المجتمع المغربي وتقديم بعض المساعدات المادية و الاستشارات القانونية والصحية اُفتتح أول مركز للتوجيه والإرشاد للمهاجرين سنة 2014 بتطوان شمال المغرب التي تبعد عن النقطة الحدودية باب سبتة حوالي 40 كيلومتر، باعتبارها منطقة عبور الى أوروبا تستقبل كل فترة عددا كبيرا من المهاجرين غير الشرعيين. وفي تصريح ل"اصوات الكثبان"، قال محمد بن يعقوب رئيس جمعية الأيادي المتضامنة ومركز التوجيه والإرشاد للمهاجرين "هناك مشاكل كثيرة يعاني منها المهاجرون أهمها صعوبة الإندماج بسهولة وإيجاد عمل لتسهيل وتوفير ضروريات الحياة. كما أن هناك مشكلة التمييز العنصري" ولكنه أوضح أن "ليس كل المغاربة عنصريين فنحن في الجمعية نستقبل كل يوم متطوعين مغاربة يتعايشون مع المهاجرين بشكل عادي. لكن معظم المهاجرين يشتكون من التمييز العنصري الذي يتعرضون له في الشارع بسبب لون البشرة". وبحسب يعقوب "هذا الوضع يترتب عنه مشاكل نفسية أصبحت جزء لا يتجزأ من حياتهم بسبب الظروف القاسية التي يعيشونها". وأوضح يعقوب أن مركزه "يقدم ورشات عمل ودورات تدريبية للحد من التصرفات العنصرية ضد المهاجرين الذين يتلقون بدورهم دورسا في اللغة المغربية العامية واللغة الأسبانية لتسهيل عملية التواصل و الإندماج مع المجتمع". أصوات الكثبان تلقي الضوء على قصة أخرى بطلتها مهاجرة تدعى "إزبيلا " التي كان كل حلمها مساعدة والدتها على أعباء الحياة وتربية إخوتها الصغار. وتقول إزبيلا "بحثت في الانترنت عمن يساعدني لإيجاد عمل بالمغرب وتعرفت على رجل عبر مواقع التواصل الاجتماعي أخبرني أنه سيوفر لي عملا بمبلغ جيد كمدبرة منزل فوافقت على الفور، لكن بعد وصولي إلى المغرب احتجز هذا الرجل جواز سفري ويؤخر راتبي الشهري". وترى ازبيلا أن "هذا الوضع جعلها لا تستطيع الاندماج في المجتمع لأن حريتها مقيدة بعد بعد حجز جواز سفرها، كما أن عملها شاق وليس هذا ما كانت تحلم به". ويقول نوفل الحمومي، نائب رئيس جمعية إدماج وتكوين المهاجرين التي تنشط في العديد من المدن الجنوبية، لأصوات الكثبان "حتى يتمكن المهاجرون من إيصال صوتهم، عملنا ضمن جزء من أنشطتنا مع نقابة الصحافين المغاربة والعصبة الدولية للصحافين، على برنامج مخصص لإبراز قضايا المهاجرين وتناولها إعلاميا". وأضاف، نوفل "نعمل أيضا على برامج ذات طابع اجتماعي وثقافي وخلق مشاريع تنموية يستفيد منها المهاجرون لمساعدتهم على الاندماج بسلاسة بالمجتمع بمختلف المدن وخاصة على مستوى منطقة جنوب المغرب". وكان المغرب قد أطلق أول عملية لتقنين وضع المهاجرين الأفارقة سنة 2014 واستفاد منها نحو 25 ألف شخص. وقد انطلقت المرحلة الثانية من هذه العملية منذ أسابيع. واتخذت السلطات عددا من الاجراءات لتسهيل ذلك المشروع من بينها مد مدة صلاحية بطاقات الإقامة من سنة إلى ثلاث سنوات عقب مرور سنة على تسوية الإقامة في المغرب مع استثناء من ارتكبوا أفعالا يعاقب عليها القانون. *ينشر باتفاق مع وكالة "أصوات الكثبان"