انطلقت، مساء اليوم السبت بمداغ (إقليمبركان)، أشغال الملتقى العالمي الحادي عشر للتصوف، الذي تنظمه مؤسسة الملتقى العالمي للتصوف والطريقة القادرية البودشيشية، إلى غاية 12 دجنبر الجاري. وتتوخى هذه الدورة، التي تنظم تحت شعار "التصوف وثقافة السلام: رؤية إسلامية كونية لترسيخ قيم التعايش والسلم الحضاري"، إبراز المقومات التي يحملها التصوف في تأسيسه لثقافة السلام وترسيخه لقيم التعايش والتفاعل الإنسانيين، واستجلاء روح الإسلام السمحة الداعية إلى السلام في ظل احترام كل المكونات الحضارية. كما تسعى هذه الدورة، التي تنظم بشراكة مع المركز الأورو – متوسطي لدراسة إسلام اليوم، إلى إبراز المسؤوليات التي يتحملها المسلم في عصرنا الحالي للتحلي بأخلاق الإسلام، "بما فيها قيم التعارف والرحمة والسلم والسلام، في نفسه، ومع محيطه القريب، ومع الآخر باختلاف جنسه ولونه وثقافته ودينه، سواء في البلدان الإسلامية، أو في باقي الأقطار، ليصبح الإسلام ببعده الروحي والأخلاقي نموذجا عمليا وحياتيا مسهما في العيش المشترك ومؤسسا للسلم الحضاري على أساس من المحبة والوئام والسلام". وقال مدير الملتقى السيد منير القادري بودشيش، في كلمة بالمناسبة، إن هذه الدورة تتميز بالحضور الوازن لثلة من كبار العلماء والباحثين المتخصصين في الشأن الإنساني والديني، والصوفي خصوصا، مبرزا أن من شأن ذلك أن يتيح التفاعل الإيجابي والتبادل الدينامي للمعارف والخبرات والمقاربات ويعد بحصيلة خصبة لأشغال هذه التظاهرة ومخرجات مثمرة في موضوع السلم والسلام الذي يشكل حديث الساعة في العالم اليوم. وأكد، في هذا الصدد، أن السلام في الإسلام يعد "أصل العلاقات الإنسانية في كل أبعادها ، وهو صيرورة حياتية مستدامة (..) وتربية وتزكية، لأن الإسلام لم يجعل السلام مجرد شعار غامض، أو اكتفى بالإشادة به فقط، بل جعله نظاما فعالا ومبدأ عميقا في جذور الحياة الإنسانية". واعتبر السيد القادري بودشيش أن إفشاء ثقافة السلام يعد مشروعا إنسانيا يجب أن يشارك فيه الجميع، بتشاور مع أهل العلم والحكمة والفلسفة والعلوم الإنسانية والطرق الصوفية والجهات المعنية بالشأن الديني عموما والشأن التربوي والتكويني والإداري، مع تعبئة كل المستجدات الرقمية والمعلوماتية لإرساء برامج تكوينية وتوعوية تستهدف الناشئة والشباب حتى لا يقع في التطرف. وأبرز أن المغرب قام بخطوات سديدة ورائدة في هذا المجال بفضل تضافر عوامل عديدة، منها تمسكه الراسخ بالثوابت الوطنية والدينية التي شكلت في مجموعها صمام الأمن والأمان، وضمنت له، بفضل وسطيته واعتداله، الاستقرار والسلم والسلام، وبات نموذجا لقيم التسامح والتعايش والانفتاح.