لا تنحصر مشاكل حافلات شركة أوطاسا للنقل العمومي في التلوث والاكتظاظ، بل إن أغلبها تشكو من الأعطاب والهرم والشيخوخة، وتنتظر تقاعدا يريحها ويعفيها من الجري كل يوم بين الشوارع والأحياء بمحركات عليلة وهياكل منهكة ومنعدمة الصيانة. حافلات تنتظر أن ترق قلوب "السبانيول" لحالها ويرسلوها لترتاح ما تبقى من عمرها، وتتحلل أجزاؤها على مهل ،فهي أشبه ببقرة يحلبها صاحبها دون أن يغذيها، فهل ستستمر في إدرار الحليب؟
وعلى مدى اليوم يجد الطنجاويون أنفسهم وسط صناديق لا تصلح حتى لنقل المواشي والأزبال، ويضطرون إلى التنازل عن شيء من آدميتهم ليتنقلوا إلى أعمالهم وأغراضهم، لأنهم لا يجدون حلا بديلا.
هل مصير النقل الحضري بطنجة سيظل متروكا للعشوائية في التدبير والتسيير خاصة مع غياب مراقبة الجماعة الحضرية التي هي صاحبة التفويض، فالمصلحة الجماعية المكلفة بذلك عاجزة وليست لها المؤهلات ولا الآليات لإنجاز المراقبة فضلا عن المصداقية.
أما آن الأوان للتدبير والتسيير غير الطبيعيين أن يتوقفا بشركة أوطاسا خاصة وأن نظام الجهوية الموسعة الذي نادى به جلالة الملك أصبح قريبا ولايعقل أن تظل الخزينة العامة والخزينة الجماعية بعيدين عن الاستفادة المالية من ثمار قطاع النقل الجماعي المربح جدا. وضعية مزرية تهدد مستقبل قطاع النقل الحضري بطنجة ، وتضيع مصالح المواطنين وأوقاتهم وتهدد أمنهم وسلامتهم وصحتهم، قطاع مريض بحاجة إلى الاصلاح حتى يتسنى للمواطنين أن يشعروا أنهم يتلقون خدمات تليق بدراهمهم التي يحس الكثير منهم الآن أنها تُسرق منهم.