في سنة 2000 كانت مدينة القنيطرة تعمل بها أربع شركات للنقل الحضري، وقد خلق هذا التعدد منافسة كبيرة بين هذه الشركات، مما جعل حوادث السير تطفو على السطح لتخلف عدة ضحايا داخل مدينة لايتسع رحمها لهذا الكم من الشركات نظرا لعدم التحكم في عملية توزيع الخطوط، ولضعف الشبكة الطرقية بالمدينة. منذ سنة 2000 اجبرت بعض الشركات على التخلي عن العمل بعد انتهاء عقد امتيازها، بينما اعلنت شركة أخرى عن افلاسها، لتخلو الساحة لشركة حافلات ( الهناء) لتصبح كفاعل وحيد يحتكر مجال النقل الحضري، هذا الإحتكار كان المنتظر منه أن يخفف العبء عن المواطنين عبر توفير أسطول كاف من الحافلات الجيدة لتغطية جميع الخطوط، إلا أن هذه الإنتظارات تحولت إلى سراب، فأصبح السكان يكتوون بلهيب أزمة النقل الحضري، نتيجة النقص الملحوظ قي عدد الحافلات المكونة للأسطول وخاصة في الخطوط التالية: - الخط 12 الرابط بين الساكنية وأولاد أوجيه حيث أن منطقة أولاد أوجيه التي يقطن بها آلاف السكان تحولت إلى مرقد بدون مرافق اجتماعية مما يجعل هؤلاء السكان يخوضون حربا يومية مع الإكتظاظ داخل الحافلات ومحطاتها، ومع التأخر عن مواعيد العمل بالنسبة للموظفين، والدراسة بالنسبة للتلاميذ والطلبة، وخاصة في أوقات الذروة. كما أن الحافلات لا تصل إلى محطة « الشاطو » . - الخط 9 الرابط بين القنيطرة وجماعة المهدية، فمنطقة القصبة بالمهدية عرفت خلال فترات الإنتخابات السابقة بناء أزيد من 4000 منزل عشوائي، ولاتتوفر المنطقة إلا على مدرستين عموميتين ( مدرسة عثمان بندلة ومدرسة عبد المومن بن علي) وإعدادية و احدة ( إعدادية القصبة ) ويعاني أغلب التلاميذ والطلبة وكذا عمال وعاملات مصانع تصبير السمك من قلة عدد حافلات النقل الحضري. - الخطين 14و20 الأول ينطلق من الحي الجامعي في اتجاه جامعة ابن طفبل ، والثاني يربط منطقة أولاد أوجيه بالجامعة ، ويعرف الخطان اكتظاظا وازدحاما نظرا لضعف الأسطول، بالإضافة إلى عدم احترام مواعيد الإنطلاق والوصول معا يؤثر سلبا على الدراسة بسبب كثرة التأخرات. - الخط 11، الذي يربط بمنطقتين آهلتين بالسكان هما دوار أولاد امبارك ومنطقة الحنشة وهما معا منطقتان تخضعان لإعادة الهيكلة ويقطن بهما آلاف الأسر الفقيرة التي لاغنى لها عن استعمال وسائل النقل الحضري، خصوصا وأن أرباب هذه الأسرهم عمال يتنقلون يوميا إلى وسط المدينة وإلى الحي الصناعي المتواجد في الطرف الآخر للمدينة بمنطقة الساكنية. ونظرا لحالة الطريق بهذه المنطقة فإن وسائل النقل ترفض الوصول إلى المحطة النهائية . ونحن ننجز هذا التحقيق وقفنا على حادثة سير مروعة صباح يوم الاثنين 22 دجنبر قرب ميناء الصيد بالمهدية حوالي الساعة الثامنة صباحا حيث صدمت حافلة للنقل الحضري تعمل بالخط 15 الرابط بين شاطئ مهدية والقنيطرة مما أدى إلى إصابة سائقة السيارة التي دهستها الحافلة القادمة من الاتجاه المعاكس والمفرطة في السرعة، وتم نقل السيدة المصابة إلى مستشفى الإدريسي حيث لفظت أنفاسها الأخيرة. هذا الواقع البئيس لهذا المرفق العمومي والحيوي تنضاف إليه عدة خروقات، منها ماهو مرتبط بتملص الشركة صاحبة الامتياز، ومنها ماهو صادر عن بعض العمال كالسائقين والقباض الذين يستقوون بإحدى النقابات ليعيثوا في « الأوتوبيس » فسادا. خروقات الشركة تتمثل في عدم احترامها لكل ما جاء في دفتر التحملات، بدءا من عدد الحافلات حيث ينص كناش التحملات على أسطول مكون من 140 حافلة، في حين تشغل أقل من 100 حافلة، وهذا ما يفسر حالة التكدس والاكتظاظ التي يعاني منها المواطنون يوميا، وصولا إلى عدم احترام مسارات الخطوط وعدم التوقف في المحطات وعدم احترام المواعيد، ونصب واقيتين فقط دون تعميمها على جميع المحطات مع العلم أن لهذه الواقيات دور كبير في احتماء الركاب من الأمطار شتاء ومن أشعة الشمس صيفا، كما يلاحظ السكان بأن أغلب الحافلات التي تجوب شوارع المدينة توجد في حالة ميكاينكية جد سيئة، كما أن هياكلها ونوافذها ومقاعدها أصابها التلف والخراب ولاتحترم فيها كرامة المواطن، وهذه الحافلات معرضة للأعطاب يوميا، وفي حالة وقوع ذلك يتم التخلي عن الركاب في أ ي محطة و وفي أي لحظة، ويتحدث العارفون بخبايا تسيير هذه الشركة بأن الركاب غير مؤمنين ! أما ما يتعلق بتصرفات بعض العاملين بالشركة فإن المواطنين يعانون من تهور بعض السائقين من خلال الإفراط في السرعة وعدم إغلاق الأبواب أثناء السير مع وجود أطفال معلقين بباب الحافلة ، كما يعاني الركاب وخاصة التلاميذ من تسلط بعض المراقبين الذين يتصف تعاملهم بالوحشية يصل إلى التلفظ بالكلام الفاحش والاعتداء على التلاميذ بالضرب والحجز وسلب المحافظ والهواتف النقالة، وقد تسبب هؤلاء لأحد التلاميذ في ضياع سنة دراسية كاملة حيث نسي التلميذ بطاقة الحافلة، ولما ضبط من طرف أحد المراقبين حجزه لعدة ساعات ليضيع عليه فرصة اجتياز امتحان الشهادة الابتدائية ، والحالات مثل هذه كثيرة ومتعددة ، وهؤلاء المراقبين لا يرتدون بدلة تميزهم ولا يحملون شارة تعرف بهم وبأسمائهم حتى تتم متابعتهم في حالة وجود تجاوزات. وبداخل الحافلات لا يسلم الركاب من اعتداءات اللصوص أيضا، فهم يصعدون إلى الحافلات مدججين بسيوف وأسلحة بيضاء، يبتزون التلميذات والنساء، والغريب في مثل هذه الحالات أن السائقين والقباض والمراقبين يعرفون هؤلاء المجرمين فلا يبلغون عنهم الجهات الأمنية وكأنهم شركاء في سرقة الركاب، وعندما تقع مشاجرات بين أحد الركاب ومنتشله فلا يتم التدخل أو التوجه بالحافلة إلى أقرب نقطة أمنية، بل يتم إخلاء سبيل المعتدي بتوقف الحافلة وفتح الباب لينفذ بجلده . هذه المشاكل والخروقات كانت محط اهتمام المجلس البلدي الحالي من خلال عدة تقارير للجنة المختصة ، من أجل حث الشركة على احترام ما جاء في دفتر التحملات، مع استحضار أن المجلس يشجع على الاستثمار بهذه المدينة لكن ليس على حساب مصالح السكان .