"فهم الذات البشرية يبدأ من ترحال في عالمنا الواسع".. هذا ما يؤمن به محمد خموش. من العرائش في شمال غرب المغرب إلى بلدان آسيا الوسطى، كانت "أبرز رحلة في حياتي". في عام 1964، ولد خموش في المغرب، قبل أن تنتقل عائلته إلى بريطانيا في عام 1974. هناك، درس علم الحاسوب. أراد العودة إلى الوطن، فوجد نفسه غير قادر على التعامل مع مجتمعه المغربي. وكانت رحلته الصغرى داخل البلاد، منتقلاً من العرائش إلى مدن الشرق كالناظور والحسيمة، حاملاً الكاميرا خاصته وباحثاً عن ذاته. كذلك، اتجه نحو الموسيقى، واهتم بأعمال فرقتَي "جيل جيلالة" و"ناس الغيوان"، وتأثر بهما حتى صنع آلة موسيقية. بعدها، أنشأ فرقة "صوت المغرب" في بريطانيا من بين فرق أخرى، وعلّم الناس هناك بعضاً من الموسيقى المغربية. في عام 1994، راودته فكرة الرحلة الكبرى وقد تأثر بعلماء المسلمين وترحالهم، من أمثال ابن بطوطة وأبو زيد الصيرافي وسليمان التاجر. "كنت أبحث عن نموذج لبطل في حياتي، وقد اخترت ابن بطوطة". انكبّ على بحث استمر سبعة أشهر قبل ظهور الإنترنت، وجمع معلومات عن البلاد التي كان يودّ زيارتها. "ولم أتوقف عن العمل لا ليلاً ولا نهاراً، بهدف جمع المال الكافي للرحلة ولأفلام التصوير". مشى خموش في رحلته على مدى عام تقريباً، فزار كازاخستان وأوزبكستان وباكستان وكشمير الهندية وجبال هملايا والتبت والصين وسنغافورة وبلدان أخرى، موثقاً رحلته ب73 ساعة فيديو وستة آلاف صورة، بإلهام مستمر من رحلة ابن بطوطة. "عندما كنت مهاجراً في بريطانيا، كنت أشعر أنّ المسلمين الذين يعيشون هناك يكتفون ببريطانيا. أردت تغيير الفكرة، وعملت حتى حصلت على تأشيرات دخول إلى بلدان كانت لا تزال تحت الحكم السوفييتي. سافرت كثيراً بالبرّ بعدما تلقيت لقاحات تحميني من الأمراض. كنت مهتماً بالمسلمين في آسيا، فزرت أوّل مسجد بني في الصين في مدينة بونجو الملقبة بمدينة الزيتون، وزرت قبر الإمام البخاري في بخارى، وقد استجوبتني الشرطة عن كيفية وصولي كعربي إلى تلك البلاد حينها". (*) العربي الجديد