طنجة مدينة صارت تكبر بسرعة، وهذا ما جعل الكثير من الاشياء بالمدينة تتغير في ملامحها أو تختفي بشكل نهائي، ليعقب هذا التغير أو الاختفاء مجموعة من الذكريات راسخة في صور أو مرددة على الألسنة. من بين هذه الاشياء التي اختفت من ملامح مدينة طنجة، هي تلك السكة الحديدية التي كانت على طول امداد ساحل طنجة، حينما كانت محطة قطار خط &طنجة–فاس& تستقر قرب ميناء المدينة، وكان القطار يعبر ساحل طنجة وصولا إليها. هذه المحطة التي كانت قد فتحت أبوابها سنة 1927، أي بعد عامين من تطبيق النظام الدولي بطنجة بشكل رسمي، كانت وظلت لسنوات طويلة هي محطة القطار الرئيسية بالمدينة، وقد عرفت الكثير من الاحداث المهمة التي لازالت راسخة في أذهان من عاشوها. من بين أبرز الاحداث الخالدة المرتبطة بتلك المحطة، هي نزول الملك محمد الخامس بها في 9 أبريل سنة 1947، عندما قدم على متن القطار في زيارة تاريخية لطنجة، واستقبله الطنجاويون بحفاوة في ذلك اليوم على طول السكة الحديدية بساحل المدينة. حدث أخر لا يقل أهمية، يتعلق بحدث المسيرة الخضراء، عندما عرفت هذه المحطة وفود المئات من الطنجاويين للركوب في قطار "طنجة-فاس" من أجل المشاركة في حدث المسيرة الخضراء في نونبر 1975، وكان يوما مشهودا بساحل طنجة. وظلت هذه المحطة وهذا الخط السككي يعبر ساحل المدينة سنوات طويلة بعد ذلك، وكان من بين ملامح طنجة الشهيرة، إلى أن تم في سنة 1999 ايقاف هذا الجزء من الخط والشروع بشكل نهائي في ازالته، وتعويض محطة الميناء بمحطة مغوغة، قبل انشاء محطة المدينة بملاباطا في 2003. اليوم لا زال الكثير من الطنجاويين يتذكرون تلك السكة الحديدية بساحل المدينة، ولازالت أجراس منبه القطار وهو يدخل ساحل طنجة تطن في أذن الكثيرين منهم، في حين لم يبقى من تلك السكة الحديدية شيء اليوم. وبالنسبة للمحطة، فإنها ظلت بعد توقف نشاطها صامدة لسنوات أخرى، قبل أن تعمل في السنوات الاخيرة أشغال مشاريع "طنجة الكبرى" على إقبارها، لتصبح هي وسكتها الحديدية بشاطئ المدينة، مجرد ذكريات ترويها الصور والألسنة.