الست الحرة أو السيدة الحرة، هي من الشخصيات التاريخية الذائعة الصيت في شمال المغرب، خاصة في مدينة تطوان التي ارتبطت بها شهرتها منذ القرن السادس عشر الميلادي، عندما شاركت وتولت منصب حكم المدينة ونواحيها لحوالي 3 عقود خلال ذاك القرن. وترجع شهرة هذه السيدة لعدة عوامل، تبقى من أبرزها أنها أول امرأة تتقلد منصبا هاما في ذلك التاريخ، عهد الدولة الوطاسية. وثانيا لكون هذا المنصب كان في منطقة قريبة من الاحتلال البرتغالي لسبتة، ومن الامبراطورية الاسبانية الصاعدة، الامر الذي جعلها تحت مجهر المؤرخين الأجانب. وقبل أن تصل إلى حكم تطوان وتنطلق شهرتها في الآفق، فإن السيدة الحرة هي ابنة الأمير علي بن موسى بن راشد حاكم شفشاون، وقد ولدت بهذه المدينة، من أم اسبانية أسلمت تدعى "لالة الزهراء"، سنة 1493م، أي بعد سنة من سقوط المسلمين بغرناطة. تزوجت سنة 1510م من قائد مدينة تطوان محمد المنظري، وظلت تدبر حكم المدينة بجانب زوجها إلى أن فارق الاخير حياته بعد 8 سنوات من زواجه بها، بعدها يدخل المؤرخون في جدال عن هوية الشخص الذي حكم المدينة بعد وفاة المنظري لثماني سنوات أخرى نظرا لسكوت المصادر خلال هذه المدة. لكن في سنة 1525م عادت السيدة الحرة للواجهة كقائدة وعاملة لمدينة تطوان، وقد ظلت الحاكمة الفعلية للمدينة إلى غاية زواجها بالسلطان أحمد الوطاسي سنة 1541م، وكان زواجا سياسيا في المقام الاول من طرف السلطان الوطاسي لتثبيت دعائم دولة بني وطاس في شمال المغرب بعد فقدانها لعدة مناطق في الجنوب لصالح الدولة الصاعدة، دولة السعديين. وما جعل المؤرخين يصفونه بالزواج السياسي، هو أن السلطان لم يأخذ معه السيدة الحرة إلى العاصمة فاس، بل عاد وحيدا وتركها تنوب عنه في الحكم بالمدينة ونواحيها، لكنه حكم لم يدم إلا سنة، إذ تمكن أحد أحفاد أسرة المنظري من الاطاحة بحكم السيدة الحرة بتطوان، وتم اجبارها في أكتوبر 1542م على الرحيل إلى شفشاون حيث ظلت هناك إلى أن توفيت. وتذكر أغلب المصادر، خاصة الاجنبية، السيدة الحرة كأحد الشخصيات البارزة في تاريخ الغرب الاسلامي في القرن السادس عشر، وعُرفت خلال فترات حكمها لتطوان ونواحيها بالشجاعة والذكاء وكأحد الشخصيات المثقفة نظرا لتعلمها على يد أشهر علماء شفشاون في فترات صباها. ووصفتها المصادر الاجنبية أيضا بأميرة القرصنة، أو أميرة الجهاد البحري عند المسلمين، وذلك بعد أن ذاع صيت أسطولها الذي كان يهاجم الاساطيل المسيحية في تلك الفترة وعمليات الاسر العديدة التي كان يقوم بها في حق الاسبان والبرتغاليين. وشنت العديد من الحروب لتحرير ثغر سبتةالمحتلة، مما زاد من شهرتها لدى المؤرخين الأجانب. غير أن أبرز ما يجعل هذه السيدة أكثر شهرة الان، هو كونها أول امرأة تتولى الحكم في وقت لم يكن الحكم إلا للرجال.