لم أكن قد غادرت المغرب يوما رغم أني كنت احلم بمغادرته نهائيا بل إن غضبي ويأسي كان قد بلغ ذروته في سنة 2011مع انطلاق الربيع العربي وكنت وقتها خلف الحاسوب أدوّن احباطتي ويأسي وقنوطي وسخطي أيضا على هذا البلد الذي لم نملك فيه مترا مربعا، اللهم تلك البطاقة الخضراء التي تسمى بالبطاقة الوطنية وحين ركبت الباخرة في 2014 وحيدا شعرت بالخوف الممزوج بالفرح لأني أغادر بلدي الذي حرمني من ابسط حقوقي والمني ظلم اهله واقرب الناس لي وفي نفس الوقت لأني لا اعرف حتى الوجهة التي سأقصدها وغير ملم بلغة البلد التي انا مسافر إليها اللهم كلمات قليلة حفظتها من المدرسة . وكنت قد ركبت السفينة في الواحدة زوالا بعد ان ابتعت تذكرتين وجلست في مقعدي وانا أجول بناظريّ في المقاعد والزوايا كأني ابحث عن شخص ما رغم أني تمنيت ألا تقع عيني على احد اعرفه، قبل ان اطلب فنجان قهوة ارتشفت منه بضع رشفات بعدها تحركت السفينة مخلفة وراءها أمواجا وزبدا فقلت بسخرية بعد ان أدرت ظهري لطنجة " تركت خلفي النصارى وانا ذاهب لبلاد المسلمين " وكنت سعيدا وانا انزل في الجزيرة الخضراء التي لم تكن تختلف عن أي مدينة مغربية اللهم نظافتها والآمان المنتشر بين ازقتها حيث يخيل اليك انك لازالت في المغرب بسبب كثرة المطاعم المغربية والنزل والمهاجرين الذين يتسكعون في حدائق المدينة ومحطتها البحرية وقلت مع نفسي أن اسبانيا نجحت في احتلال سبتة ومليلية فرد المغاربة باحتلال الجزيرة الخضراء ثم استقليت الحافلة لغرناطة حيث دهشت من نظافتها ونظافة محطتها وأنا غير مصدق اني تركت المغرب وكنت بين الفينة والأخرى ابحث في وجوه بعض الاسبانيات الشقروات وأوزع بعض الابتسامات البلهاء وانا اتفحص قوامهن الممشوق وسخرت من نفسي لأني كنت قد قلت يوما أنه لو قدر للعرب غزو أوروبا فلن يكون غزوهم إلا من اجل أفخاد نساءها . ولم أكن اعرف كيف أصل لنزل رخيص اقضي فيه ليلتي غير أني قررت أن أسأل أي شخص أصادفه في طريقي بتلك الكلمات القليلة التي عصرت فيها ذاكرتي محاولا تذكر بعض الكلمات فاستوقفت امرأة كانت تقلب هاتفها النقال بيديها قبل أن تقوم بإخفائه بسرعة البرق فشعرت بالحزن واعتذرت لها دون مقدمات بعدها بلحظات وجدت عجوزا اسبانيا فسألته عن نزل قريب فأشار بيده بحركة معناها هاهو أمامك فشكرته ثم دفعت لموظف الاستقبالات 40 أورو وهو ثمن ليلتين بعدها ذهبت لأحد الأسواق الممتازة لشراء بعض المواد الغذائية وأينما تذهب لا تفارق أذناك كلمة مرحبا وتمنيت لو اتصفنا نحن المغاربة بهذا الأدب وهذه الإنسانية التي افتقدناها في أوطاننا البئيسة . تتمة في الحلقة الثانية