بدون ريب، فطنجة تراث إنساني، طالبنا بذلك أم لا، فهي بمفاتنها وجمالها وبحورها وتاريخها، ومساجدها وكنائسها وبيعها تراود أهل التراث عن أنفسهم لتصنفيها تراثا إنسانيا، إلا من أراد ان يغض الطرف عنها، أوأن يضع على عينيه عصابة فلا يرى إلا الظلام الدامس، وكم من زائر كان فقط يريد أن يستريح لساعات بها، لشرب فنجان قهوة بسوق الداخل قبل شد الرحال، فإذا به مقيم أبد الدهر، مقبور بمقابرها، هكذا هي، هذه المدينة "مسكونة" تسكن زوارها، ولكن بيت القصيد ليست المسكونة في حد ذاتها، بل هو العنوان أعلاه. ألايرى المرصد، أنه قبل طرق أبواب اليونسكو، أنه يجب تهيئة العروس ليوم زفافها قبل موعد عرسها، جريا بالتقاليد المتبعة للدخول للقفص الذهبي، وما أدراك ما العروس هنا "طنجة" فأين حلي العروس وقلائدها التي تنتزع من على صدرها، أمام أعين أهل الرصد قبل أن تصعد العروس المنصة ضدا في أعين العازبات. أين المرصد من نافورات طنجة التي يتغوط فيها صباح مساء، الأولى عند مقدمة عقبة الصياغين، بالقرب من بائع الحلوى الشهير" التايك" وعلى فكرة فمحله تراث إنساني في حد ذاته، وأخرى التي شوهت قبالة جامع الكبير وبالضبط مدرسة الجامع الكبير، فلماذا لايطالب أصحاب المرصد بتثبيت رجال شداد غلاظ يذبون عن هذه المعالم، مقابل مبلغ شهري من المرصد نفسه. وعلى يسار عقبة الصياغين نزولا، قيسارية "جبالة" واسفل من العقبة عينها حيث الدائرة الأولى، ألا تستحق هاتان البنايتان إعادة الاعتبار لهما قبل الدعوة لتصنيف طنجة تراثا إنسانيا، أضف إلى ذلك سجن القصبة. أين أبراج طنجة التي غطتها حيطان الاسمنت ليلا بالقصبة، أين مقابر الشهداء السبعة الذين قتلهم المستعمر بسوق الداخل ودفنوا ببوعراقية، والأن يتبول عليهم السكارى هناك وهم شهداء‼ أنى لنا بمثل هذه المطالب "تراث إنساني" ومقبرة الرومان بمرشان مزبلة بكل ماتحمل المزبلة من أزبال، وعلى جانب هذه المزبلة عفوا مقبرة الرومان، هناك سرداب ارضي يربط بين مرشان والقصبة، بني عليه بالاسمنت المسلح كالجدار الفاصل العنصري، وعن طريق هذا النفق دكت حصون المستعمر دكا، أنى نحن بالمطالبة بمثل هذه المطالب ولا "سقاية" للماء بطنجة اللهم فقط الاسم مثل ساحة "السقاية الجديدة" بالمدينة القديمة. أين المرصد في المطالبة ببناء مسجد الجامع الجديد، المغلق منذ سبع سنوات وإزدادوا شهورا، وعن جانب المسجد، الزاوية التيجانية التي كانت بها نخلة تسر المارين بطولها. أين المرصد من إعادة دار الدباغ لصيغتها الأولى "الدباغة". أين المرصد من أسوار المدينة العتيقة التي لاترى أسوارها بالعين المجردة، مع العلم ان طنجةالمدينة الوحيدة التي لاترى أسورها. أين المرصد من رد الاعتبار لفندق سيسيل الذي نزل بها المغفور له محمد الخامس، وسار اليوم مأوى لضرب حقن الهيرويين، أين المرصد من شرفات بيوتات زنقة إيطاليا، التي تسر الناظرين من خارجها فكيف من داخلها، هذه الزنقة الايطالية التي صورت فيها أفلام عالمية، أخرها فيلم "ماك دايمن" هذه الشرفات التي تتساقط اليوم كأوراق الأشجار في غير فصل الربيع، وفيها من الإبداع والنقش ما يحير أولي الألباب. اين المرصد من الشرفة التي خاطب فيها محمد الخامس أهل طنجة من عليها، هذه الأخيرة لوكانت عند غيرنا لصارت تراثا منذ أمد بعيد. وأختم بما قاله عمدة أمستردام عندما زار طنجة مؤخرا، وإنبهر بالمدينة القديمة لم يجد ما يعبر به بعد نصف جولته فقط بالمدينة سوى قوله: أه لو كانت عندنا طنجة لسوقناها تسويقا ولكن..