استطاع معلم مغربي في قرية جبلية نائية أن يطور سبورة تفاعلية إلكترونية، فاز من خلالها بجائزة المعلم العالمي، في مسابقة دولية بالهند، في شتنبر الماضي. عبد الله وهبي (37 عامًا) بدلًا من أن يلعن ظلام الظروف الصعبة في تلك القرية، أشعل شمعة أضاءت مدرسة “الجيل الجيد” ومدارس أخرى في أرياف المملكة. حين التحق “وهبي” بقرية “اثنين أداي”، في ضواحي إقليمتزنيت عام 2007، وجد صعوبة في تعليم التلاميذ. ولاحظ أنهم يهتمون كثيرًا بالأمور الإلكترونية، فأحضر حاسوبًا، وربطه بسبورة إلكترونية، فضلا عن إدراج بعض التقنيات، مما جعل التلاميذ يتفاعلون معه. التقنية التي طورها “وهبي” قربت علومًا عديدة من التلاميذ، في قرية جبلية بعيدة عن كل شيء. بعدما لاحظت جمعيات مجتمع مدني وشركة خاصة مبادرات “وهبي”، ساهمت في شراء لوحات إلكترونية للتلاميذ ومواد أخرى مساعدة. علاقة “وهبي” بالتكنولوجيا لم تكن محض صدفة، إذا قال للأناضول: “استفدت من تكوينات عديدة توفرها وزارة التربية، إضافة إلى التكوين الذاتي المتاح عبر الإنترنت”. عندما ينتقل تلاميذ “وهبي” إلى المؤسسة الإعدادية، وهي تبعد عن القرية بعشر كيلومترات، يتفوقون في مادة الإعلام والاتصال؛ لأنهم تعلموا الكثير، بفضل مبادرة معلمهم. إشادة بالتجربة بشكل جماعي، انخرطت أسر تلاميذ المدرسة في مبادرة “وهبي”، عبر تأسيس جمعية أولياء التلاميذ، وتمويل الاشتراك الشهري بخدمة الإنترنت، ليستفيد منها التلاميذ. المعلم “وهبي” يوظف السبورة لتقديم الدروس بطريقة تفاعلية عملية، مع توفر مكتبة رقمية. وقال “وهبي” إن “التجربة عرفت إشادة كبيرة من الأسر، وتلقيت اتصالات تقدير من أطباء ومهندسين منحدرين من القرية”. وتابع: “هذا التشجيع دفعني لتطوير قدراتي، والانخراط في تدريب معلمين في قطاع التكنولوجيا الحديثة”. وأوضح أن “اطلاع أبناء الأرياف على التكنولوجيا الحديثة يسهل عليهم الاندماج في المدن، عندما يصلون إلى التعليم العالي، أو الحصول على فرص عمل”. ويمكن لأي معلم بوسائل بسيطة أن ينجز تلك السبورة، لتساعده في تقديم الدروس بطريقة عملية، خاصة في الرياضيات واللغتين العربية والفرنسية. وسام ملكي وجائزة دولية حصل “وهبي” على جائزة دولية في الهند، في شتنبر الماضي؛ بفضل جهوده لدمج التكنولوجيا الحديثة بقطاع التعليم، عبر تطويره للسبورة التفاعلية، البالغ ثمنها 600 درهم. قبل هذا التتويج، حصل على وسام الاستحقاق الوطني من الدرجة الممتازة من طرف محمد السادس، في شتنبر 2018، بعد أن قدمته وزارة التربية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي على أنه “أستاذ مبدع في التقنيات الرقمية”. وقال “وهبي”، الملقب ب”المعلم المبدع”، إن “هذه الجائزة مكنتني من التعرف على معلمين يعملون على تقريب التكنولوجيا الحديثة من التلاميذ”. عندما يعود عدد من تلاميذ القرية، بعد انتقالهم إلى مستويات تعليمية عليا، يبحثون عن “وهبي” لشكره وتعزيز التواصل معه، وهو ما يجعله هو أيضا يتذكر معلمين له ترسخوا في ذاكرته بفضل مبادرات اجتماعية وفنية لهم . وقال “وهبي” إن “التكنولوجيا الحديثة وفرت خدمات كثيرة للتلاميذ، لكنهم يحتجون إلى موجه في هذا المجال”. وختم “وهبي” بالعودة بذاكرته إلى أيامه حين كان تلميذًا: “أذكر معملين كانوا يحرصون على تنظيم أنشطة عديدة صقلت شخصيتي، مثل المسرح والأنشطة الثقافية، ويعطون الفرصة للتلاميذ للتحدث أمام الجمهور، ومنهم علي الحسناوي، إبراهيم العبدلاوي، فتيحة الحاج وآخرون”. كما أن كثيرا من تلاميذ مدرسة “الجيل الجديد” بدورهم سيعودن يومًا بذاكرتهم، ليثنوا على معلمهم “وهبي”، لما فتحه أمامهم من أبواب العلم والعالم وهم على مقاعد الدراسة في قرية جبلية نائية.