– محمد سعيد أرباط: يري الكثير من النقاد ومعهم نسبة كبيرة من القراء، أن الاسلوب الجريء الذي استعمله محمد شكري في نقل تفاصيل حياته بفضائلها ورذائلها في روايته الخبز الحافي، هي سبب شهرة هذه الرواية. هي رؤية صائبة لا شك فيها، لكنها ليست كل الصواب. وراء شهرة السيرة الذاتية الروائية لمحمد شكري رواية أخرى هي رواية المنع، المنع الذي تعرض له الخبز الحافي بعد صدور النسخة العربية له سنة 1983، حيث منع المغرب وعدد من الدول العربية الأخرى وصول هذه الرواية إلى القراء، فصارت من المحظورات. وسيرا على القاعدة البشرية التي تقول أن كل ممنوع مرغوب فيه، فإن هذا المنع الذي تعرضت له الرواية قدم لها خدمة تاريخية دون قصد، لتصبح الرواية الاكثر طلبا للقراءة في العالم العربي الذي يمتاز بضعف الاقبال على القراءة في الأصل. وفي تفاصيل هذا المنع، فإن محمد شكري كان قد وجه أصابع الاتهام إلى عدد من نخبة المثقفين المغاربة، وعلى رأسهم الراحل العلامة عبد الله كنون الذي كان رئيس رابطة علماء المغرب آنذاك وأحد الاشخاص البارزين في طنجة، التي يقطنها شكري بدوره ويعتبرها مدينته التي لا يحب مفارقتها. وقد ظل هذا الاتهام زمنا طويلا، وهو اتهام لم تُعرف حقيقته إلى اليوم، رغم نفي المؤرخ عبد الصمد العشاب له في سنة 2011 في حوار اذاعي مع الاعلامي عبد اللطيف بنيحيى باذاعة طنجة، إذ قال أن العلامة الراحل "لا ناقة له ولا جمل" في قضية منع الخبز الحافي، وعبد الصمد العشاب كان قيد حياته محافظا لخزانة عبد الله كنون، وعبد اللطيف بنيحيى صديق شكري قيد حياة الاخير. وسواء كان كلام المؤرخ عبد الصمد العشاب صحيح أم لا، إلا أنه جاء متأخرا جدا، فشكري مات وهو يعتقد أن العلامة عبد الله كنون هو من كان وراء منع نشر روايته في المغرب، لكن بالمقابل، مات شكري وهو يدرك كم خدم هذا المنع فيما بعد "خبزه الحافي" وجعله نارا على علم.